ووجود ، لا في وعاء العين ؛ كالخارجيات ، ولا في وعاء الاعتبار ؛ كالاعتباريات ، بل يكون وجوده بانتزاعه عن منشأ الانتزاع الموجود في عالم العين ، كالعليّة المنتزعة من العلّة والمعلول الخارجيين ، أو الموجود في عالم الاعتبار ، كالعقد الذي يكون سببا للزوجية والملكية ، إذ حيث كانت الزوجية والملكية اعتباريتين كان سببهما اعتباريا لا محالة.
فالامور الانتزاعية ليس لها ما بحذاء في الخارج ، سواء كان انتزاعها من مقام الذات ، كالامتناع والإمكان والعلية ، أم من قيام أحد المقولات بمحله ، كالفوقية والتحتية ، والقبلية والبعدية الزمانية والمكانية ، فان الفوقية ليست من مقتضيات ذات الفوق ، بل لأجل خصوصية أوجبت انتزاع الفوقيّة منه ، وكذا غيرها من المذكورات.
ولا يخفى ما فيه من الإشكال ..
أما أولا : فلأن لزوم كون سبب الأمر الاعتباري اعتباريا بلا ملزم ، بل سببه الحقيقي وهو اعتبار من بيده الاعتبار أمر خارجي بلا ريب ، وسببه الجعلي تابع له ، فقد يأخذ في موضوعه أمرا اعتباريا ، كملكية أحد العمودين الموجبة لانعتاقه ، وقد يأخذ في موضوعه أمرا خارجيا ، كموت المورّث الموجب لملك الوارث ، والعقد والإيقاع الموجبين لتحقق مضمونيهما ، وغير ذلك ، بل أكثر أسباب الاعتباريات امور حقيقية تابعة لأسبابها التكوينية.
وأما ثانيا : فلأنه إذا كانت العلية منتزعة من العلّة والمعلول معا ، فلا وجه لانتزاع السببية من خصوص العقد ، بل يتعين انتزاعها منه ومن مسبّبه كالزوجية ايضا ، كما لا وجه لانتزاع الفوقية من خصوصية في الفوق ، بل من خصوصية فيه وفي التحت ، لأنها بأجمعها من الإضافات القائمة بطرفين.