ولازم ما ذكرنا دلالة الاستثناء المفرغ ـ وهو الذي يحذف المستثنى منه فيه ويختص بالنفي ـ على الحصر الحقيقي وعموم النفي لجميع ما عدا المستثنى ، لأن حذف المتعلق مع عدم القرينة يقتضي الحمل على العموم.
غاية الأمر أنه كثيرا ما يراد به الحصر الإضافي ، بلحاظ خصوص جهة ملحوظة للمتكلم يقتضيها سياق الكلام أو غيره من القرائن المحيطة به ، والتي لا مجال لضبطها ، بل تختلف باختلاف خصوصيات الموارد.
ومنها : (إنما) حيث كان المعروف فيها إفادة الحصر ، على ما يظهر من تصريح أهل اللغة ، بل عن بعضهم أنه لم يظهر مخالف فيه ، وعن آخر دعوى إجماع النحاة عليه ، كما ذكر في التقريرات أنه المنقول عن أئمة التفسير.
ويقتضيه التبادر ، حيث لا إشكال في ظهورها في انحصار المتقدم بالمتأخر.
غاية الأمر أنها ـ كسائر أدوات الحصر ـ كثيرا ما تستعمل في الحصر الإضافي بلحاظ خصوص بعض الجهات المقصودة بالنفي مما يقتضيه قرينة حال أو مقال ، بل هو المتعين دائما في حصر الموصوف بالصفة ، نحو : إنما زيد شاعر أو تاجر أو عامل ، حيث لا يراد به نفي كل صفة أخرى عنه ، لما هو المعلوم من عدم خلوه عن كثير من الصفات ، كالحياة والتكلم وغيرهما ، بل نفي خصوص بعض الصفات مما تقتضيه قرينة السياق ، كالعلم أو الشجاعة أو غيرهما.
وذلك لا ينافي دلالتها على الحصر بما هو نسبة خاصة ، لأن الفرق بين الحصر الحقيقي والإضافي في طرف النسبة المذكورة لا في أصلها.
ولذا لا يصح الإتيان بها لمحض بيان ثبوت الحكم للموضوع من دون