المذكورة في الآية غير عامة ، ولا نسلم أن كلمة (إنما) للحصر. والدليل عليه قوله : (إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ)(١) ولا شك إن الحياة الدنيا لها أمثال اخرى سوى هذا المثل. وقال : (إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ)(٢) ، ولا شك أن اللعب واللهو قد يحصل في غيرها».
لكن الآيتين الكريمتين لا تنافيان دلالة (إنما) على الحصر.
اما الاولى فلأن وجود أمثال أخر للدنيا في الحصر المذكور لو كان حقيقيا ، دون ما لو كان إضافيا ـ كما هو الظاهر منه ـ لدفع توهم ابتنائها على البقاء الذي هو مقتضى الاهتمام بها والركون إليها من عامة الناس ، فإن ذلك منهم مظهر لغافلتهم عن حالها ، فحسن حصرها بالمثل المذكور في الآية لردعهم عن ذلك وتنبيههم لما يخالف مقتضى حالهم وإن كان لها أمثال أخر.
ولذا حسن الحصر ب (إلّا) بنظيره في قول الشاعر :
وما الدهر إلّا منجنونا بأهله |
|
... |
ومنه يظهر الحال في الآية الثانية ، فإن المراد بها الحصر الإضافي أيضا توهينا لحالها ، وردعا لمن يرغب فيها ويعتد بها ، لكن مع ابتنائه على التغليب ـ ولو ادعاء ـ إغفالا لما يكسبه أهل البصائر والكمال من الدرجات العالية والتجارة السامية.
ولذا حسن الحصر المذكور ب (إلّا) قوله تعالى : (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا
__________________
(١) سورة يونس : ٢٤.
(٢) سورة محمد (ص) : ٣٦.