تخطئته للعرف ، مع كون المفهوم عرفيا.
ففيه : أن نظافة الشيء وقذارته العرفيتين أمران واقعيان يدركهما العرف فيه فيميل إليه ويقبله ، أو يتنفر عنه ويستقذره ، وليستا من الامور الجعلية التابعة لاعتبار من بيده اعتباره.
غايته أن تبعية الميل أو الاستقذار للأمر الواقعي المدرك ليس لكونه علة تامة لهما ، بل قد يكون للعادة والتنفير دخل فيهما ، ولذا قد يختلفان موردا باختلاف المجتمعات والأشخاص ، وذلك إنما يقتضي كونهما إضافيين لا اعتباريين.
كما أن عدم اختصاصهما بالشرع ووجودهما عند العرف لا يستلزم كونهما اعتباريين ، إذ قد يستقل العرف بإدراك الامور الواقعية والتأثر بها.
بل ما ذكره (قدس سره) من فرض التخطئة لا يناسب الامور الاعتبارية ، لأن التخطئة إنما تكون في الامور الواقعية التي لها واقع محفوظ ويختلف في تشخيصها وإدراكها ، أما الامور الاعتبارية فالاختلاف فيها لا يرجع للتخطئة ، بل لمحض عدم اعتبار أحد الحاكمين لما اعتبره الآخر.
على أن المرتكزات الشرعية في النجاسة والطهارة ، والعرفية في النظافة والقذارة قاضية باختلاف الاوليين عن الاخريين سنخا وتباينهما حقيقة ، لأنها وإن اشتركت في اقتضاء الاجتناب وعدمه عملا ، إلا أن ترتبهما على الأولين راجع إلى حسن الاجتناب بنحو يقتضي المدح ويبعد عن الذم ، وعلى الأخيرين راجع لمحض ملائمة النفس من دون أن يستوجب مدحا أو يدفع ذما.
وقد يشعر باختلاف سنخهما وحقيقتهما ما في صحيح زرارة عن أبي