نرتعه ونلعبه ، فلما بناه للمفعول ، قام الضمير المنصوب مقام فاعله ، فانقلب مرفوعا فاستتر في رافعه ، فهو في الاتّساع كقوله : [الطويل]
٣٠٥٩ ـ ويوم شهدناه سليما وعامرا |
|
........... (١) |
ومن رفع الفعلين ، جعلهما حالين ، وتكون مقدّرة ، وأمّا إثبات الياء في «نرتعي» مع جزم «يلعب» وهي قراءة قنبل ، فقد تجرّأ بعض النّاس وردّها.
وقال ابن عطيّة (٢) : هي قراءة ضعيفة لا تجوز إلا في الشّعر ، وقيل : هي لغة من يجزم بالحركة المقدّرة ، وأنشد :
٣٠٦٠ ـ ألم يأتيك والأنباء تنمي |
|
........... (٣) |
وقد تقدّمت هذه المسألة.
و «نرتع» يحتمل أن يكون وزنه : نفتعل من الرّعي وهي أكل المرعى ؛ كما تقدّم ، ويكون على حذف مضاف ، أي : نرتع مواشينا ، أو من المراعاة للشيء ؛ قال : [الخفيف]
٣٠٦١ ـ ترتعي السّفح فالكثيب فذا قا |
|
ر فروض القطا فذات الرّئال (٤) |
ويحتمل أن يكون وزنه «نفعل» من رتع يرتع : إذا أقام في خصب وسعة ، ومنه قول الغضبان بن القبعثرى : «القيد والرّتعة وقلّة المنعة» ؛ وقال الشاعر : [الوافر]
٣٠٦٢ ـ أكفرا بعد ردّ الموت عنّي |
|
وبعد عطائك المائة الرّتاعا (٥) |
قوله : (وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) : جملة حالية ، والعامل فيها أحد شيئين : إمّا الأمر ، وإمّا جوابه.
فإن قيل : هل يجوز أن تكون المسألة من الإعمال ؛ لأن كلّا من العاملين يصح تسلّطه على الحال؟.
فالجواب : لا يجوز ذلك ؛ لأنّ الإعمال يستلزم الإضمار ، والحال لا تضمر ؛ لأنّها لا تكون إلا نكرة ، أو مؤولة بها.
قوله : (أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ) فاعل : «يحزنني» ، أي : يحزنني ذهابكم ، وفي هذه الآية دلالة على أنّ المضارع المقترن بلام الابتداء لا يكون حالا ، والنّحاة جعلوها من القرائن المخصصة للحال ، ووجه الدلالة : أنّ «أن تذهبوا» مستقبل ؛ لاقترانه بحرف الاستقبال (٦) ، وهي وما في حيّزها فاعل ، فلو جعلنا «ليحزنني» حالا ، لزم سبق الفعل لفاعله ، وهو
__________________
(١) تقدم برقم ٤٦٣.
(٢) ينظر : المحرر الوجيز ٣ / ٢٢٤.
(٣) تقدم.
(٤) البيت للأعشى ينظر : ديوانه (١٣٨) وجمهرة أشعار العرب ١ / ١١٩ والبحر المحيط ٥ / ٢٧٧ واللسان والتاج والصحاح (سفح) والدر المصون ٤ / ١٦٠.
(٥) تقدم برقم ٣٣٩.
(٦) في ب : الاستنقال.