قيل : المعنى أنك تتهمنا في هذا الأمر ؛ لأنك خفتنا في الابتداء ، واتهمتنا في حقه.
وقيل : المعنى لا تصدقنا ؛ لأنه لا دليل لنا على صدقنا وإن كنا صادقين عند الله تعالى.
فصل
احتجوا بهذه الآية على أن الإيمان في اللغة عبارة عن التصديق لقوله تعالى : (وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا) ، أي بمصدق.
روي أن امرأة تحاكمت إلى شريح فبكت ، فقال الشعبي : يا أبا أمية (١) : أما تراها تبكي؟ قال : قد جاء إخوة يوسف يبكون وهم ظلمة كذبة لا ينبغي للإنسان أن يقضي إلا بالحق (٢).
قوله تعالى : (وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ) الآية (عَلى قَمِيصِهِ) في محل نصب على الحال من الدم.
قال أبو البقاء (٣) : «لأن التقدير : جاءوا بدم كذب على قميصه». يعني أنه لو تأخر لكان صفة للنكرة. ورد الزمخشري هذا الوجه.
قال «فإن قلت : هل يجوز أن تكون حالا متقدمة؟.
قلت : لا ، لأن حال المجرور لا يتقدم عليه».
وهذا الذي رد به الزمخشري أحد قولي النحاة ، قد صحح جماعة جوازه ؛ وأنشدوا : [الطويل]
٣٠٦٥ ـ ........... |
|
فلن يذهبوا فرغا بفتل حبال (٤) |
وقول الآخر : [الطويل]
٣٠٦٦ ـ لئن كان برد الماء هيمان صاديا |
|
إليّ حبيبا إنّها لحبيب (٥) |
وقول الآخر : [الخفيف]
٣٠٦٧ ـ غافلا تعرض المنيّة للمر |
|
ءفيدعى ولات حين إباء (٦) |
وقال الحوفيّ : (عَلى قَمِيصِهِ) : متعلق ب «جاءوا» ، وفيه نظر ؛ لأنّ مجيئهم لا يصلح أن يكون على القميص.
وقال الزمخشري (٧) : «فإن قلت : (عَلى قَمِيصِهِ) ما محله؟ قلت : محلّه النّصب على
__________________
(١) في أ : أمامه.
(٢) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ١٥) وعزاه إلى ابن المنذر.
(٣) ينظر : الإملاء ٢ / ٥٠.
(٤) تقدم.
(٥) تقدم.
(٦) تقدم.
(٧) ينظر : الكشاف ٢ / ٤٥١.