فيهما وأمّا إذا كان مثله في الفعل والفاعل ، فهو خطأ ، كقولك : قم يقم ، والتقدير على ما ذكره في هذا الوجه : أن يقيموا يقيموا.
والوجه الثاني : أنّ الأمر المقدر للمواجهة ، و «يقيموا» على لفظ الغيبة ، وهو خطأ إذا كان الفاعل واحدا.
قال شهاب الدين (١) : «أمّا الإفساد الأوّل فقريب ، وأمّا الثاني ، فليس بشيء لأنّه يجوز أن يقول : قل لعبدي أطعني يطعك ، وإن كان للغيبة بعد المواجهة باعتبار حكاية الحال».
الرابع : أن التقدير : أن يقول لهم : أقيموا يقيموا ، وهذا مروي عن سيبويه فيما حكاه ابن عطية ، وهذا هو القول الثاني.
الخامس : قال ابن عطية : «يحتمل أن يكون «يقيموا» جواب الأمر الذي يعطينا معناه قوله «قل» وذلك أن تجعل «قل» في هذه الآية بمعنى بلّغ وأدّ الشّريعة يقيموا الصّلاة».
السادس : قال الفراء (٢) : الأمر معه شرط مقدر ، تقول : أطع الله يدخلك الجنّة والفرق بين هذا ، وبين ما قبله : أنّ ما قبله ضمن فيه الأمر نفسه معنى الشّرط ، وفي هذا قدر فعل الشرط بعد فعل الأمر من غير تضمين.
السابع : قال الفارسي إنّه مضارع صرف عن الأمر إلى الخبر ، ومعناه : أقيموا.
وهذا مردود ؛ لأنه كان ينبغي أن تثبت نونه الدالة على إعرابه.
وأجيب عن هذا : بأنه بني لوقوعه موقع المبني ، كما بني المنادى في نحو : يا زيد لوقوعه موضع الضمير.
ولو قيل : بأنّه حذفت نونه تخفيفا على حد حذفها في قوله : «لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا» (٣).
وفي معمول «قل» ثلاثة أوجه :
الأول : الأمر المقدر ، أي : قل لهم أقيموا يقيموا.
الثاني : أنه نفس «يقيموا» على ما قاله ابن عطية.
الثالث : أنّه الجملة من قوله : (اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) إلى آخره ، قاله ابن عطية.
وفيه تفكيك النّظم ، وجعل الجملة : (يُقِيمُوا الصَّلاةَ) إلى آخرها مفلتا مما قبله وبعده ، أو يكون جوابا فصل به بين القولين ، ومعموله ، لكنه لا يترتب على قوله ذلك : إقامة الصلاة ، والإنفاق إلا بتأويل بعيد جدّا.
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٤ / ٢٧٠.
(٢) ينظر : معاني القرآن للفراء ٢ / ٧٧.
(٣) تقدم تخريجه.