يقال : إنه جمع «وفدا» على «أوفدة» ، ثم قلبه فوزنه «أعفلة» كقولهم : آرام» في «أرآم» وبابه ، إلّا أنّه يقل جمع «فعل» على «أفعلة» نحو : «نجد وأنجدة» و «وهي وأوهية» وأم الهيثم امرأة نقل عنها شيء من اللغة.
وقرىء (١) : «آفدة» بزنة ضاربة وهو يحتمل وجهين :
أحدهما : أن تكون مقلوبة من «أفئدة» بتقديم الهمزة على الفاء ، فقلبت الهمزة ألفا فوزنه: «أعفلة» ك «آرام» في «أرآم».
والثّاني : أنها اسم فاعل : من «أفد يافد» ، أي : «قرب ودنا». والمعنى : جماعة آفدة أو جماعات آفدة.
وقرىء : «أفدة» (٢) بالقصر ، وفيها وجهان أيضا :
أحدهما : أن تكون اسم فاعل على «فعل» ك «فرح فهو فرح» ، وأن تكون مخففة من «أفئدة» بنقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها ، وحذف الهمزة.
و «من» في «من النّاس» فيها وجهان :
أحدهما : أنها لابتداء الغاية. قال الزمخشريّ : «ويجوز أن يكون «من» لابتداء الغاية ، كقولك : القلب منّي سقيم ، تريد : قلبي ، كأنه قال : أفئدة ناس ، وإنّما نكرت المضاف إليه في هذا التمثيل ، لتنكير «أفئدة» لأنّها في الآية نكرة ليتناول بعض الأفئدة».
قال أبو حيّان (٣) : «ولا ينظر كونها للغاية ؛ لأنّه ليس لنا فعل يبتدأ فيه بغاية ينتهي إليها ، إذ لا يصح جعل ابتداء الأفئدة من الناس».
والثاني : أنها للتبعيض ، وفي التفسير : لو لم يقل من النّاس لحج النّاس كلهم.
قوله «تهوي» هذا هو المفعول الثاني للجعل. والعامة على : «تهوي» بكسر العين ، بمعنى تسرع وتطير شوقا إليه ؛ قال : [الكامل]
٣٢٢٩ ـ وإذا رميت به الفجاج رأيته |
|
يهوى مخارمها هويّ الأجدل (٤) |
وأصله أن يتعدى باللام ، كقوله : [البسيط]
٣٢٣٠ ـ حتّى إذا ما هوت كفّ الوليد بها |
|
طارت وفي كفّه من ريشها بتك (٥) |
وإنّما عدي بإلى ؛ لأنه ضمن معنى تميل ، كقوله : [السريع]
__________________
(١) ينظر : الكشاف ٢ / ٥٥٩ والبحر المحيط ٥ / ٤٢١ والدر المصون ٤ / ٢٧٤.
(٢) ينظر : الكشاف ٢ / ٥٥٩ والبحر المحيط ٥ / ٤٢١.
(٣) ينظر : البحر المحيط ٥ / ٤٢١.
(٤) البيت لأبي كبير الهذلي. ينظر : ديوان الهذليين ٢ / ٩٤ ، البحر المحيط ٥ / ٤٢٩ ، اللسان (خرم) ، الكشاف ٢ / ٣٨٠ ، شواهد الكشاف ٤٩٢ ، حماسة أبي تمام ١ / ٢١ ، الدر المصون ٤ / ٢٧٤.
(٥) تقدم.