وسورة النحل ، وسورة العنكبوت ، كانوا يجتمعون ، ويقولون استهزاء ، يقول هذا إلى سورة البقرة ، ويقول هذا إلى سورة النحل ، ويقول هذا إلى سورة العنكبوت فأنزل الله تعالى : (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ).
قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : فصلّ بأمر ربك : (وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ) المصلين [المتواضعين](١).
قال ابن العربي «ظنّ بعض الناس أنّ المراد هنا بالسجود نفسه ، فرأى هذا الموضع محل سجود في القرآن ، وقد شاهدت الإمام بمحراب زكريا من البيت المقدس ـ طهره الله تعالى ـ يسجد في هذا الموضع ، وسجدت معه فيها ، ولم يره [جماهير](٢) العلماء».
قال [القرطبي](٣) ، وقد ذكر أبو بكر النقاش (٤) أنّ ههنا سجدة عند أبي حذيفة ـ رضي الله عنه ـ ويمان بن رئاب ، ورأى أنها واجبة. قال العلماء : إذ أنزل بالعبد بعض المكاره فزع إلى [الطاعات](٥) وروي أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم «كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصّلاة» (٦).
(وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : يريد الموت ؛ لأنه أمر متيقن (٧).
فإن قيل : فأيّ فائدة لهذا التّوقيت مع أنّ كلّ واحد يعلم أنه إذا مات سقطت عنه العبادات؟.
فالجواب : المراد : «واعبد ربّك» في جميع زمان حياتك ، ولا تخل لحظة من لحظات الحياة من العبادة.
روى أبيّ بن كعب ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من قرأ سورة الحجر كان له من الأجر عشر حسنات بعدد المهاجرين والأنصار والمستهزئين بمحمّد»(٨) صلىاللهعليهوسلم وشرّف ، وبجّل ، ومجّد ، وعظّم (٩).
تمّ الجزء الحادي عشر ، ويليه الجزء الثّاني عشر وأوله : تفسير سورة النحل
__________________
ـ وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٢٠٠) وعزاه إلى الطبراني في «الأوسط والبيهقي وأبي نعيم كلاهما في «الدلائل».
(١) سقط من : ب.
(٢) في ب : جماعة.
(٣) في ب : أبو النقاش.
(٤) في ب : ابن العربي.
(٥) في ب : الصلاة.
(٦) تقدم.
(٧) ذكره البغوي في «تفسيره» (٣ / ٦٠).
وأخرجه الطبري (٧ / ٥٥٤) عن سالم بن عبد الله ومجاهد وقتادة والحسن وابن زيد.
(٨) ذكره الزيلعي في تخريج أحاديث الكشاف (٢ / ٢٢١) وعزاه للثعلبي من طريق زر بن حبيش عن أبي بن كعب ولابن مردويه والواحدي في الوسيط وهو حديث أبي بن كعب في قراءة القرآن سورة سورة وهو حديث موضوع.