وروي عن زيد بن عليّ بن الحسين عن أبيه عن جده (ع) قال :
(أشرف رسول الله (ص) من بيت ومعه عمّاه العباس وحمزة ، وعليّ وجعفر وعقيل في أرض يعملون فيها ، فقال رسول الله (ص) لعمّيه : اختارا من هؤلاء. فقال أحدهما : اخترت جعفرا. وقال الآخر : اخترت عقيلا. فقال : خيّرتكما فاخترتما ، فاختار الله لي عليّا) (٢٣).
وقد أخبر الإمام بنفسه عن ذلك وقال :
(وقد علمتم موضعي من رسول الله صلىاللهعليهوآله بالقرابة القريبة ، والمنزلة الخصيصة ؛ وضعني في حجره وأنا ولد ، يضمّني إلى صدره ، ويكنفني في فراشه ويمسّني جسده ، ويشمّني عرفه ، وكان يمضغ الشيء ثمّ يلقمنيه ، وما وجد لي كذبة في قول ، ولا خطلة في فعل ، ولقد قرن الله به صلىاللهعليهوآله من لدن أن كان فطيما أعظم ملك من ملائكته ، يسلك به طريق المكارم ، ومحاسن أخلاق العالم ، ليله ونهاره ، ولقد كنت أتّبعه اتّباع الفصيل إثر أمّه ، يرفع لي في كلّ يوم من أخلاقه علما ، ويأمرني بالاقتداء به ، ولقد كان يجاور في كلّ سنة بحراء ، فأراه ولا يراه غيري ، ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله صلىاللهعليهوآله وخديجة ، وأنا ثالثهما ، أرى نور الوحي والرسالة وأشمّ ريح النبوّة.
ولقد سمعت رنّة الشيطان حين نزل الوحي عليه صلىاللهعليهوآله ، فقلت : يا رسول الله ، ما هذه الرنّة؟ (٢٤) فقال :
«هذا الشيطان أيس من عبادته ، إنّك تسمع ما أسمع ، وترى ما أرى ، إلّا إنّك لست بنبيّ ، ولكنّك لوزير ، وإنّك لعلى خير».
ولقد كنت معه صلىاللهعليهوآله لمّا أتاه الملأ من قريش ، فقالوا له :
__________________
(٢٣) مستدرك الصحيحين ٣ / ٥٧٦ ـ ٥٧٧.
(٢٤) الرنّة : الصيحة الحزينة.