يا محمد ، إنّك قد ادّعيت عظيما لم يدّعه آباؤك ولا أحد من بيتك ، ونحن نسألك أمرا إن أنت أجبتنا إليه وأريتناه علمنا أنّك نبيّ ورسول ، وإن لم تفعل علمنا أنّك ساحر كذّاب. فقال صلىاللهعليهوآله : وما تسألون؟ قالوا : تدعو لنا هذه الشجرة حتّى تنقلع بعروقها وتقف بين يديك. فقال صلىاللهعليهوآله : إنّ الله على كلّ شيء قدير ، فإن فعل الله لكم ذلك أتؤمنون وتشهدون بالحقّ؟ قالوا : نعم ، قال : فإني سأريكم ما تطلبون ، وإنّي لأعلم أنّكم لا تفيئون إلى خير (٢٥) ، وإنّ فيكم من يطرح في القليب (٢٦) ، ومن يحزب الأحزاب. ثمّ قالصلىاللهعليهوآله : يا أيّتها الشجرة إن كنت تؤمنين بالله واليوم الآخر وتعلمين أنّي رسول الله فانقلعي بعروقك حتّى تقفي بين يدي بإذن الله. والّذي بعثه بالحقّ لانقلعت بعروقها وجاءت ولها دوّي شديد ، وقصف كقصف أجنحة الطير (٢٧) ، حتّى وقفت بين يدي رسول اللهصلىاللهعليهوآله مرفرفة ، وألقت بغصنها الأعلى على رسول الله صلىاللهعليهوآله وببعض أغصانها على منكبي ، وكنت عن يمينه صلىاللهعليهوآله فلما نظر القوم إلى ذلك قالوا علوّا واستكبارا : فمرها فليأتك نصفها ويبقى نصفها ، فأمرها بذلك ، فأقبل إليه نصفها كأعجب إقبال وأشدّه دويّا ، فكادت تلتفّ برسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقالوا كفرا وعتوا فمر هذا النّصف فليرجع إلى نصفه كما كان ، فأمره صلىاللهعليهوآله فرجع ، فقلت أنا : لا إله إلّا الله ، إنّي أوّل مؤمن بك يا رسول الله ، وأوّل من أقرّ بأنّ الشجرة فعلت ما فعلت بأمر الله تعالى تصديقا بنبوّتك وإجلالا لكلمتك ، فقال القوم
__________________
(٢٥) لا تفيئون : لا ترجعون.
(٢٦) القليب ـ كأمير ـ البئر ، والمراد منه قليب بدر طرح فيه نيف وعشرون من أكابر قريش ، والأحزاب : طوائف متفرقة من القبائل اجتمعوا على حربه (ص) في وقعة الخندق.
(٢٧) القصف : الصوت الشديد. و (ريح قاصف) أي : شديد. و (رعد قاصف) أي : شديد الصوت.