في معناها الحقيقي وهو الترجي الإيقاعي الإنشائي إلا أن الداعي إليه حيث يستحيل في حقه تعالى أن يكون هو الترجي الحقيقي كان هو محبوبية التحذر عند الإنذار وإذا ثبت محبوبيته ثبت وجوبه شرعاً لعدم الفصل وعقلا لوجوبه مع وجود ما يقتضيه وعدم حسنه بل عدم إمكانه بدونه «ثانيها» انه لما وجب الإنذار لكونه غاية للنفر الواجب كما هو قضية كلمة (لو لا) التحضيضية وجب التحذر وإلا لغا وجوبه «ثالثها» أنه جعل غاية للإنذار الواجب وغاية الواجب واجب. ويشكل الوجه الأول بأن التحذر لرجاء إدراك الواقع وعدم الوقوع في محذور مخالفته من فوت المصلحة أو
______________________________________________________
(١) (قوله : في معناها الحقيقي) حسبما تقدم منه بيانه في صيغة الأمر (٢) (قوله : يستحيل في حقه) وجه استحالة الترجي الحقيقي في حقه تعالى أنه يعتبر فيه الجهل بوقوع الأمر المرجو (٣) (قوله : شرعا) قيد لوجوبه (٤) (قوله : لعدم الفصل) دليل على الوجوب الشرعي لأن كل من رجح الحذر فقد أوجبه (٥) (قوله : وعقلا) معطوف على قوله : شرعاً ، يعني إذا ثبت محبوبية الحذر وجب عقلا لأنه إذا كان له مقتض وجب وإلّا لم يحسن كذا قرر في المعالم (٦) (قوله : بل عدم إمكانه) يعني إذا لم يكن مقتض للحذر لم يكن الحذر لأن الحذر هو الاحتياط في دفع المكروه فإذا لم يكن مقتض للحذر بان كان المكروه مأموناً لا معنى للحذر حينئذ كما لا معنى للاحتياط (٧) (قوله : لكونه غاية) لدخول لام الغاية عليه (٨) (قوله : كما هو) بيان لوجه وجوب النفر (٩) (قوله : لو لا التحضيضية) هي إحدى حروف التحضيض الأربع وهي (لو لا) و (لو ما) و (إلّا) و (هلا) والمعروف عند النحاة أنها إذا دخلت على المضارع أفادت طلب الفعل والحث عليه وعلى الماضي أفادت التوبيخ على تركه والحض على الشيء الحث عليه ، ومنه قوله تعالى : ولا تحاضّون على طعام المسكين (١٠) (قوله : جعل غاية للإنذار) فان (لعل) في هذا المقام واقعة موقعها في قوله تعالى : فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى (١١) (قوله : بأن التحذر لرجاء) حاصله أن الحذر وإن كان عبارة عن