ولا مجال لاستكشاف نصب الشارع من حكم العقل لقاعدة الملازمة ضرورة أنها إنما تكون في مورد قابل للحكم الشرعي والمورد هاهنا غير قابل له فان الإطاعة الظنية التي يستقل العقل بكفايتها في حال الانسداد إنما هي بمعنى عدم جواز مؤاخذة الشارع بأزيد منها وعدم جواز اقتصار المكلف بدونها ومؤاخذة الشارع غير قابلة لحكمه وهو واضح واقتصار المكلف بما دونها لما كان بنفسه موجباً للعقاب
______________________________________________________
وأين ذلك من مقام إثبات حجيته شرعا كما هو ظاهر (١) (قوله : ولا مجال لاستكشاف) هذا وجه لإثبات حجية الظن شرعا بالمقدمات ، وحاصله : انه إذا ثبت بالمقدمات وجوب العمل على طبق الظن عقلا لا بد أن يستكشف كونه كذلك شرعا لقاعدة الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع وانه كلما حكم العقل حكم الشرع (٢) (قوله : ضرورة انها انما) هذا جواب عن الوجه المذكور ، وحاصله : ان الملازمة على تقدير القول بها انما تكون في مورد قابل للحكم الشرعي والمقام ليس منه فان حكم العقل بكفاية الإطاعة الظنية ينحل إلى أحكام ثلاثة «الأول» حكمه بعدم وجوب الإطاعة العلمية «ثانيها» حكمه بعدم جواز الاقتصار على الإطاعة الشكية أو الوهمية «ثالثها» حكمه بحسن الإطاعة الظنية. ومرجع الأول إلى حكمه بقبح مؤاخذة الشارع على ترك الإطاعة العلمية ، ومن المعلوم أن مؤاخذة الشارع من أفعاله التي يمتنع أن تكون موضوعا للأحكام الشرعية لأن موضوع الأحكام الشرعية انما يكون خصوص فعل العبد وأما موضوع الحكمين الآخرين فهو وان كان فعل العبد القابل للحكم الشرعي إلا أن تعلق الحكم الشرعي به بلا غرض لأن الغرض في الأحكام الشرعية هو احداث الداعي العقلي إلى متعلقه بحيث يحدث بسبب الأمر والنهي داع في نفس العبد إلى الفعل أو الترك ، ومن المعلوم أن هذا الداعي حاصل بذات الفعلين ولو لم يتعلق بهما حكم شرعي فان الاقتصار على الإطاعة الشكية والوهمية بنفسه منشأ لحسن العقاب في نظر العقل وكذا الإطاعة الظنية بنفسها منشأ للثواب في نظر العقل فالنهي عن الأولى تشريعا والأمر بالثانية كذلك إن كان بقصد احداث الداعي إلى الفعل والترك كان من قبيل تحصيل الحاصل وان كان بلا غرض فهو ممتنع