يكون واجداً لما هو العلة التامة للبعث أو الزجر الفعلي مع ما هو عليه من الإجمال والتردد والاحتمال فلا محيص عن تنجزه وصحة العقوبة على مخالفته وحينئذ لا محالة يكون ما دل بعمومه على الرفع أو الوضع أو السعة أو الإباحة مما يعم أطراف العلم مخصصاً عقلا لأجل مناقضتها معه ، وإن لم يكن فعلياً كذلك ـ ولو كان بحيث لو علم تفصيلا لوجب امتثاله وصح العقاب على مخالفته لم يكن هناك مانع عقلا ولا شرعاً عن شمول أدلة البراءة الشرعية للأطراف. ومن هنا انقدح انه لا فرق بين العلم التفصيليّ والإجمالي إلا أنه
______________________________________________________
بوجوب أو تحريم وإنما علم إجمالا بالإلزام المردد بين الوجوب والتحريم فلا يدخل في العنوان المذكور في صدر المبحث إلا إذا أريد من المكلف به ما هو أعم من الفعل والترك فانه حينئذ يصح أن يقال : علم بوجوب فعل أحدهما أو ترك الآخر أو بحرمة أحدهما أو ترك الآخر. لكن عليه كان اللازم الاكتفاء بأحد الأمرين من الوجوب والتحريم ولا داعي إلى ذكرهما معا ، والأمر سهل (١) (قوله : فلا محيص عن تنجزه) قد عرفت الإشارة سابقا إلى أن التكليف الفعلي من جميع الجهات حيث كان مضادا للترخيص الشرعي فلا فرق بين العلم به والظن به واحتماله ولو موهوما في امتناع شمول أدلة الترخيص لأن شمولها بوجوب إما العلم بالمتضادين أو الظن بهما أو احتمالهما ، والجميع ممتنع ولا ميز للعلم الإجمالي على الظن والاحتمال في امتناع شمول أدلة الترخيص لمورده دون موردهما ، بل الجميع مما لا مجال لشمول أدلة الترخيص لمورده. نعم بينهما ميز في ثبوت الترخيص العقلي وعدمه فان العلم لما كان واجد المقتضي الحجية سواء أكان بنحو العلية التامة أم مجرد الاقتضاء امتنع الترخيص العقلي في مخالفته ، وليس كذلك الظن والاحتمال. هذا لو لم يكن معنى فعليته من جميع الجهات مساوقا لتنجزه وإلا فلا مجال لاحتمال فعليته من جميع الجهات مع عدم المنجز له في ظرف الشك فيه (٢) (قوله : لم يكن هناك مانع عقلا ولا شرعا) (اما) عدم المانع عقلا فلان العلم الإجمالي ليس علة تامة للتنجز