الاحتياط إذا كان الاضطرار لاحقا للعلم ودفعه ، وحاصل الوجه : أنه قبل طروء الاضطرار يعلم إجمالا بوجوب الاجتناب عن النجس المردد مثلا وهذا العلم يوجب تنجيز المعلوم بالإجمال ، وبعد طروء الاضطرار إلى معين أو غير معين وان ارتفع العلم المذكور إلّا ان قاعدة الاشتغال بالتكليف المنجز تقتضي وجوب الاحتياط في الباقي. وحاصل الدفع : أن وجوب الاجتناب المعلوم قبل طروء الاضطرار ليس مطلقا بل هو مقيد بعدم طروء الاضطرار ففي زمان الاضطرار لا علم بالتكليف من أول الأمر حتى يكون الباقي طرفا لمعلوم منجز فيكون مجرى لقاعدة الاشتغال ليجب فيه الاحتياط. هذا وقد استشكل المصنف (ره) في هذا الدفع في حاشيته على المقام بان الباقي طرف لعلم إجمالي قائم بين التدريجيين وهما الباقي مطلقا والمضطر إليه قبل طروء الاضطرار ، كما أشرنا إليه هنا وأوضحناه في مبحث الانحلال ، فوجوب الاحتياط فيه لأجل هذا العلم القائم بين التدريجيين وان لم يكن طرفا لعلم إجمالي آخر قائم بين الدفعيين من جهة منافاة الاضطرار لفعلية التكليف مطلقاً ، لكنه خص هذا الإشكال بالاضطرار إلى معين دون الاضطرار إلى غير معين ، مع ان الفرق بينهما غير واضح لأنه إذا اختار المكلف أحد الطرفين فارتكبه كان الآخر عنده طرفا لعلم إجمالي قائم بينه وبين ما ارتكبه قبل طروء الاضطرار بعين العلم الحاصل له في صورة الاضطرار إلى معين ، ومن هنا ذكرنا سابقا ان الحكم في الصور الثلاث الأخيرة الجارية في الاضطرار إلى غير معين هو الحكم فيها في الاضطرار إلى المعين (فان قلت) : إذا كان الاضطرار إلى غير معين منهما فكل منهما موضوع للاضطرار كما تقدم فلا يكون أحدهما قبل الارتكاب طرفا لعلم إجمالي تدريجي (قلت) : الاضطرار وان
__________________
الاضطرار انما يمنع عن فعلية التكليف لو كان في طرف معروضه بعد عروضه لا عن فعلية المعلوم بالإجمال المردد بين التكليف المحدود في طرف المعروض والمطلق في الآخر بعد العروض وهذا بخلاف ما إذا عرض الاضطرار إلى أحدهما لا بعينه فانه يمنع عن فعلية التكليف في البين مطلقا فافهم وتأمل «منه قدسسره»