الأول ما دل على الاحتياط عقلا مع الشك في الجزئية ، وفي الثاني ما دل على البراءة الشرعية لعدم الفرق بين الشك في جزئية المنسي بعد الالتفات والشك في أصل الجزئية. ويمكن الخدشة فيه بالفرق بين المقامين بحدوث الشك بعد فعل الأقل فالعلم الإجمالي بوجوب المردد بين الأقل والأكثر لا يوجب الاحتياط لحصوله بعد الامتثال في أحد الأطراف ، ومثله لا ينجز كما لو علم بوجوب صوم أمس أو غد ، ومثله الاستصحاب التعليقي لأنه كان لو التفت وجب عليه فعل المنسي فكذا بعد الالتفات ، لأن الملازمة فيه ليست شرعية ، نعم لو بني على الاحتياط في المسألة السابقة من جهة الشك في حصول الغرض أو الشك في سقوط الأمر المتعلق بالأقل لزم البناء عليه هنا أيضا لذلك كما يمكن البناء على الاحتياط لاستصحاب التكليف بالجزء المنسي الثابت قبل نسيانه ، لكنه مختص بما إذا طرأ النسيان في الأثناء بعد التكليف بالتمام دون ما لو كان النسيان من أول الأمر لعدم اليقين المصحح للاستصحاب ، بل ومبني على عدم اقتضاء حديث رفع النسيان رفعه حقيقة ، وإلّا فهو حاكم على الاستصحاب للعلم بارتفاع الحالة السابقة. ثم لو تم الاستصحاب المذكور فلا مجال للبراءة الشرعية لحكومته عليها كما سيأتي ، ولا فرق بين حديث الرفع وغيره من أدلتها. نعم قول أبي جعفر عليهالسلام لزرارة : لا تعاد الصلاة الا من خمسة .. إلخ مقدم على الاستصحاب بل وسائر أدلة الجزئية المقتضية للإعادة. ومن هذا يظهر لك أن المراد من حديث الرفع في كلام المصنف ـ رحمهالله ـ رفع ما لا يعلمون لا رفع النسيان لأن محل كلامه صورة الشك في الجزئية حال النسيان ورفع النسيان إنما يجري في صورة العلم بالجزئية لولاه. نعم يبقى الإشكال على المصنف ـ رحمهالله ـ في إعمال حديث : لا تعاد ، في صورة الشك وليس موضوعه ذلك إذ هو نظير رفع النسيان موضوعه الجزء المعلوم الجزئية ، وليس هو من الأحكام الظاهرية فتأمل جيداً ، «وأما» الكلام في الثاني فيظهر الحال فيه مما سبق إذ مقتضى قيام الدليل على الجزئية حال النسيان وجوب الإعادة وعدم الاكتفاء بالناقص إلا أن يقوم دليل