نفسيا وهو خلاف ظاهر الأدلة (الثاني) لا ينبغي التأمل في استحقاق العقاب بترك التعلم إذا كان العمل مخالفا للواقع مع التفات المكلف إليه حال العمل وشكه فيه فانه مقتضى النصوص المتقدمة «الثالث» هل يدور العقاب مدار مخالفة الواقع مطلقا أو يختص بما إذا لم يكن على خلافه طريق معتبر يعثر عليه بالفحص؟ قولان ، أقواهما الثاني ، فانه لا يحسن في نظر العقل العقاب على مخالفة الواقع مع ترخيص الشارع في مخالفته واقعا الّذي هو لازم قيام الطريق الواقعي على خلافه. ومجرد عدم علم العبد به لا أثر له في مانعيته من حسن العقاب. وهناك وجهان آخران وهما : دوران العقاب مدار مخالفة الطريق : ودورانه مدار مخالفة أحدهما ، يبتنيان معا على السببية التي هي خلاف ظاهر أدلة الحجية. ومن هنا يظهر أنه لو ترك المكلف التعلم والاحتياط مع كونه شاكا في الإلزام واقعا ولم يكن في الواقع إلزام في الواقعة لم يكن موجب للعقاب وان كان بالفحص يعثر على طريق يؤدي إلى الإلزام لعدم مخالفة الواقع حينئذ. نعم يستحقه بالتجري بناء على استحقاق المتجري للعقاب «الرابع» لو ترك التعلم فغفل عن الواقع وعمل حال غفلته فخالف الواقع فصريح المصنف (ره) انه لا شبهة في استحقاق العقاب ، والغفلة حال المخالفة لا تمنع من حسن العقاب عليها وان كانت حينئذ بلا اختيار لاستنادها إلى تقصيره في ترك التعلم ، وقد تقرر غير مرة حسن العقاب على ما ليس بالاختيار إذا كان منتهيا إلى ما هو بالاختيار (فان قلت) : قد تقدم أن العلم ليس من مقدمات العمل فكيف يكون تركه موجبا للمخالفة (قلت) : العلم وان لم يكن مقدمة وجودية لذات العمل لكنه قد يكون تركه سبباً لذهاب صورة الحكم أو الموضوع عن الذهن ولو بنحو الشك فيؤدي ذلك إلى مخالفة الواقع ، ولذا ترى كثيرا من أهل البوادي والسواد الذين لم يتعلموا شرائع الدين الشريف غافلين عن كثير من الواجبات وأحكامها فلا تحضر في ذهنه صورة الصلاة فضلا عن احتمال وجوبها من أول وقت الصلاة إلى آخره ، وليس كذلك غيرهم ممن يعرف تلك الشرائع المقدسة كما هو ظاهر ، فترك مثل هؤلاء للصلاة وغيرها من الواجبات وان لم يكن