عنده فظهر بذلك أنه لا منشأ لانتزاع السببية وسائر ما لاجزاء العلة للتكليف إلا ما هي عليها من الخصوصية الموجبة لدخل كل فيه على نحو غير دخل الآخر فتدبر جيداً (واما النحو الثاني) فهو كالجزئية والشرطية والمانعية والقاطعية لما هو جزء المكلف به وشرطه ومانعة وقاطعه حيث ان اتصاف شيء بجزئية المأمور به أو شرطيته أو غيرهما لا يكاد يكون إلا بالأمر
______________________________________________________
السببية قابلة للجعل والإنشاء لأن ذلك حقيقة إنشاء للوجوب بطريق كنائي (١) (قوله : فظهر بذلك) فيه تأمل عرفته (٢) (قوله : لما هو جزء المكلف به) قيد لقوله : كالجزئية وما بعدها ، على سبيل اللف والنشر المرتب (٣) (قوله : اتصاف شيء بجزئية) اعلم أنه إذا ورد امر بجملة أمور تدريجية متصلة مقيدة بوجود شيء وعدم آخر كان كل واحد من تلك الأمور جزءاً للمأمور به ومجموعها كلالة وما أخذ وجوده قيداً شرطا له وما أخذ عدمه قيداً مانعاً وما كان منافياً للاتصال المعتبر قاطعا ، ومحصل مراد المصنف (ره) : أن هذه العناوين لا يصح جعلها استقلالا وانما تتنزّع بملاحظة الأمر المتعلق بتلك الجملة فان تعلق الأمر بتلك الجملة صح اعتبار العناوين المذكورة وإن لم يتعلق بها الأمر لم يصح اعتبارها. والوجه في ذلك : ان عنوان الجزئية للمأمور به مثلا قد أخذ مضافا إلى عنوان المأمور به فما لم يكن امر ليس هناك شيء مأمور به حتى تضاف إليه الجزئية. وهذا في غاية الوضوح إلا أنه ليس له كثير مساس فيما هو محل الكلام ، لأن الكلام في المقام بالنظر إلى نفس العناوين المذكورة من حيث هي لا من حيث كونها مضافة إلى المأمور به ، وإلّا فكل ما يضاف إلى عنوان المأمور به لا بد أن يكون متأخرا عنه ولو لم يكن من قبيل العناوين المذكورة مثل مكان المأمور به وزمان المأمور به ونحوهما «فالتحقيق» أن يقال : «اما» مفهوم الجزئية فهو كمفهوم الكلية ينتزع من كل وحدة طارئة على المتكثرات كما سيشير إلى ذلك المصنف (ره) فقبل ملاحظة تلك الوحدة لا كلية ولا جزئية ، بل ليس إلّا أمور متكثرة فإذا طرأت الوحدة عليها صار كل واحد من تلك الأمور