فالتحقيق أن يقال : إن قضية إطلاق خطاب (لا تنقض) هو أن يكون
______________________________________________________
«ويمكن» أن يقال : لا ملزم في حمل الشيء على الموضوع حتى يتردد في أن أي موضوع هو المحكي به ، بل إطلاقه يقتضي أن كل شيء يصدق انه كان كذا وقد شك في بقائه على ما كان وجب العمل على بقائه سواء كان ذلك الشيء موضوعا في نظر العقل أم العرف أم الدليل أم لا ، فان صدق إنه كان حراماً ولو بواسطة أو صدق إنه كان خمراً أو عنباً جرى الاستصحاب ، وان لم يصدق إنه كان كذا امتنع الاستصحاب. نعم يبقى الإشكال في أن صدق كان هذا الشيء كذا هل هو منوط بنظر العرف أو بنظر العقل مثلا الملح الّذي استحال إليه الكلب لا يصدق بنظر العرف أنه كان كلباً حتى يصدق أنه كان نجساً أو حراماً ، لكن يصدق بنظر العقل انه كان كلباً «ويفترق» هذا التقرير عن سابقه (أولا) بأنه لا وجه لاحتمال الرجوع إلى الدليل إذ ليس في الدليل تعرض لصدق قولنا : هذا كان كذا ، وكذبه بل يدور الأمر بين الرجوع فيه إلى العقل والرجوع إلى العرف (وثانياً) ان الرجوع إلى العقل يوجب التوسعة في موضوع الاستصحاب على هذا التقرير فيصح استصحاب نجاسة الكلب إذا صار ملحاً بخلاف التقرير السابق لما عرفت من عدم الصدق عرفا (وثالثاً) بأنه لا مانع أيضا من استصحاب الأحكام الكلية لو كان المرجع العقل على هذا التقرير ويمتنع استصحابها على التقرير السابق (ورابعاً) بان الحمل على الموضوع العرفي على التقرير الأول أسهل إثباتا لأن الدليل عليه يكون مردداً مجملا في نفسه ، وبالإطلاق المقامي ينزل على العرفي بخلاف التقرير الثاني لأن الحمل عليه لا يخلو من مسامحة كما يظهر بالتأمل فتأمل جيداً (١) (قوله : فالتحقيق أن يقال) من المعلوم أن لفظ (النقض) كسائر الألفاظ المذكورة في الكتاب والسنة يجب حمله على المعنى الحقيقي عند العرف ، وليس دعوى الرجوع إلى العرف في المقام راجعة إلى خلاف ذلك بل راجعة إلى أن النقض الحقيقي بلحاظ الموضوع العرفي ـ كما على التقرير الأول ـ دون العقلي أو الدليلي أو هو بلحاظ نظر العرف المبني على المسامحة في صدق إن هذا كان كذا