وليسمّ مناط النّظر ، لما عرفت من ان المراد من عمل اليقين العمل المترتب على آثار نفسه وآثار متعلقه ، ومن آثار نفسه كونه غاية لأصل الطهارة أو الحلية أو غيرهما من الأصول المغيّاة بالعلم عقلا وشرعا ، فالشك في بقاء الحرمة في الفرض المتقدم وان كان موضوعا لكل واحد من الاستصحاب وقاعدة الحل بلا فرق بينهما فيه إلّا أن الحكم في أحدهما لما كان ناظراً إلى الحكم في الآخر كان ذلك موجبا لتقدمه عليه عرفا فلاحظ «ثم» إن شيخنا الأعظم «قدسسره» بنى على الحكومة في المقام مع بنائه على كون دليل الاستصحاب دالا على تنزيل المشكوك منزلة المتيقن «بتقريب» : ان الغاية المجعولة لحكم الأصول العلم بالحكم الواقعي الحقيقي ودليل الاستصحاب يجعل الحكم الواقعي الحقيقي تنزيلا فتتحقق به الغاية فيرجع مفاد الأصل والاستصحاب إلى مثل قوله : كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي ، وكل نهي ورد في زمان ثابت إلى زمان اليقين بارتفاعه ، فدليل الاستصحاب يثبت النهي الّذي هو غاية لإطلاق الشيء الّذي هو كناية عن حليته «وفيه» أن إثبات الحكم الواقعي تنزيلا بالاستصحاب انما يقتضي ترتيب آثار نفس الحكم لا آثار العلم به ، ومن المعلوم أن الغائية انما تكون للعلم بالحكم الواقعي لا لنفسه. نعم بالاستصحاب يحصل علم حقيقي بالحكم الواقعي التنزيلي ، إلا ان هذا العلم لم يجعل غاية لحكم الأصل بل الغاية العلم بالحكم الواقعي الحقيقي فلا يقوم مقامه الا ما هو بمنزلة العلم بالحكم الواقعي لا العلم الحقيقي بالحكم التنزيلي ، مع انه لو فرض كون العلم بالحكم الواقعي التنزيلي غاية كان الاستصحاب وارداً على الأصول لا حاكما عليها لأنه يثبت غايتها حقيقة لا تنزيلا. ولأجل ذلك يمكن دعوى كون جميع الأصول المحرزة للواقع ـ أعني ما يكون دليله دالا على ثبوت الواقع تعبداً في ظرف الشك كالاستصحاب وقاعدة الحرية وقاعدة الطهارة وقاعدة التجاوز وأصالة الصحة ونحوها ـ واردة على ما ليس كذلك كأصالة الإباحة بناء على انها كذلك بدعوى كون موضوع الأصول غير المحرزة الشك بالواقعي الحقيقي أو التنزيلي ، وجميع الأصول المحرزة لما كانت مثبتة للواقع الحقيقي تنزيلا كانت رافعة لموضوعها ، ولا يمكن