لا يوجب إلّا العلم بكذب أحدهما فلا يكون هناك مانع عن حجية الآخر
______________________________________________________
(١) (قوله : لا يوجب إلّا العلم بكذب) هذا شروع في تحقيق الأصل في المتعارضين وانه التساقط أو التخيير والّذي اختاره انه التساقط (وتقريبه) : أن المتعارضين مما يعلم بكذب أحدهما ولا ريب في ان معلوم الكذب ليس بحجة ولما لم يكن له عنوان محفوظ متعين وكان محتمل الانطباق على كل واحد منهما كان كل واحد منهما مما يحتمل انه ليس بحجة لكونه مما يحتمل كونه معلوم الكذب فيسقط كلاهما عن الحجية ويكون الحال كما لو اشتبه خبر الفاسق بخبر العادل فانه لا ريب في سقوط كل من الخبرين عن الحجية. (هذا) ولكن قد تكرر غير مرة أن مبنى هذا التقريب سراية العلم إلى الخارج وإلّا فكل منهما مشكوك الكذب قطعا ولا يحتمل كونه معلوم الكذب فيكون داخلا تحت دليل الحجية جزما (فان قلت) : العلم الإجمالي وان كان لا يسري إلى الخارج إلا أنه ينجز متعلقه فيجب الاحتياط في أطرافه «قلت» : الكذب الواقعي لا يمنع عن شمول دليل الحجية وإلّا اختص الحجة بما هو معلوم الصدق وذلك خلف ، وإذا لم يكن الكاذب الواقعي خارجا عن دليل الحجية فالعلم به لا أثر له غاية الأمر أن معلوم الكذب ليس بحجة والمفروض انه لا ينطبق على أحدهما بل كل واحد منهما مشكوك الكذب فحال معلوم الكذب حال معلوم الصدق لامتناع جعل الحجية لكل واحد منهما ، فكما أن العلم بصدق أحد الخبرين لا يمنع عن حجيتهما ولا حجية أحدهما فكذا العلم بكذب أحدهما (فالتحقيق) في وجه أصالة التساقط : ان الدليلين المتعارضين لما كان كل واحد منهما دالا على نفي الآخر بالمطابقة ـ لو كانا متناقضي المضمون ـ أو بالالتزام ـ لو كانا متضادي المضمون ـ وكان إطلاق دليل حجيتهما في المدلول المطابقي والالتزامي في عرض واحد امتنع دخولهما معا تحت دليل الحجية لأدائه إلى التناقض ، ودخول أحدهما بعينه تحت دليل الحجية دون الآخر بلا مرجح ممتنع فلا بد من الحكم بخروجهما معا عنه (٢) (قوله : عن حجية الآخر) لأنه غير معلوم الكذب