الشرعية لا يكون إلا قبيحاً ولا يستحيل وقوعه إلا على الحكيم تعالى وإلّا فهو بمكان من الإمكان لكفاية إرادة المختار علة لفعله ، وإنما الممتنع هو وجود الممكن بلا علة فلا استحالة في ترجيحه تعالى للمرجوح الا من باب امتناع صدوره منه تعالى وأما غيره فلا استحالة في ترجيحه لما هو مرجوح مما باختياره «وبالجملة» : الترجيح بلا مرجح بمعنى بلا علة محال وبمعنى بلا داع عقلائي قبيح ليس بمحال فلا تشتبه (ومنها) غير ذلك مما لا يكاد يفيد الظن فالصفح عنه أولى وأحسن (ثم) إنه لا إشكال في الإفتاء بما اختاره من الخبرين في عمل نفسه وعمل مقلديه ولا وجه للإفتاء بالتخيير في المسألة الفرعية لعدم الدليل عليه فيها «نعم» له الإفتاء به في المسألة الأصولية ، فلا بأس حينئذ باختيار المقلد غير ما اختاره المفتي فيعمل بما يفهم منه بصريحه أو بظهوره الّذي
______________________________________________________
«وتوضيح» الإشكال : ان الإضراب خلط بين الترجيح بلا مرجح والترجح بلا مرجح ، إذ الأول انما يكون في الأفعال الاختيارية وهو لا يكون إلّا قبيحا لا ممتنعا لأن إرادة المرجوح قبيحة ، والثاني انما يكون في الأمور غير الاختيارية ويراد به ان ترجح أحد طرفي الممكن بلا علة محال والمقام ـ أعني الحكم الشرعي وهو جواز الأخذ بغير ذي المزية ـ من قبيل الأول (١) (قوله : لا إشكال في الإفتاء بما) اعلم أن وجوب التخيير ليس شرعيا مولويا إذ لا عقاب على مخالفته زائدا على مخالفة الواقع ، بل هو إرشادي عقلي بمناط وجوب تحصيل الحجة فيدل على حجية ما يختاره المكلف من الخبرين فإذا اختار أحدهما كان حجة بعينه فتجب الفتوى بمضمونه لا غير فيجب على المقلد الأخذ بها تعييناً كما يجب على المجتهد نفسه العمل به كذلك ، وحينئذ فلا وجه للفتوى بالتخيير الفرعي بمعنى الإباحة من جهة انها فتوى بلا دليل إذ التخيير كذلك ليس مؤدى أحد الخبرين ، وكذا بمعنى الوجوب التخييري مع أنه لا يعقل الوجوب التخييري بين الوجود والعدم كما تقدم (٢) (قوله : نعم له الإفتاء) يعني بان يفتي بان ما يختاره المكلف حجة ،