الإلهيّة المختلفة ، فهل إنّ مسألة فناء وموت الكائنات الحّية هي أيضاً من جملة النّعَم الإلهيّة!؟
نعم ، إنّها من النعم ، لأنّها من جهة تخلع عن الإنسان لباس الشرك وتدعوه إلى التوحيد الخالص وتُفهمه بأنّ المستحق للعبادة والإلوهية هو ذات «ذو الجلال والإكرام» الباقية فقط ، لا الموجودات الفانية الزائلة. ومن جهة أُخرى تحذّر الإنسان ليستفيد من ساعات عمره بأفضل وجهٍ وأكمله.
ومن جهةٍ ثالثة تُعزّي الإنسان وتُصبّره لكي يقف أمام مصائب ومشكلات الدهر التي تواجهه في الحياة الدنيا من حيث كونها زائلة أيضاً ، ومن جهةٍ أُخرى فإنّ هذا الفناء مقدمة للبقاء وطريق الخلاص من سجن هذه الدنيا والإنتقال إلى عالم الآخرة ونعيمها الذي لا يزول.
* * *
أمّا الآية الثالثة فقد وردت في ذيل قصّة إيمان سحرة فرعون وتهديد فرعون لهم بالقتل ، وهي ذات مفهومٍ عميقٍ وواسع ، حيث نقلت كلام اولئك السحرة الذين آمنوا وقالوا لفرعون : (إِنَّا آمَنَّا بِرَبَّنا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرهْتَنَا عَليهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللهُ خَيْرٌ وَأَبْقى).
«البقاء المطلق» : يعني الأبدية ، وكما قُلنا سابقاً فإنّ «الأبديّة» لا تنفصل عن الأزليّة أيضاً.
ومن المسلَّم به أنّ أبديّة ذاته المقدّسة ملازمة لأبدية لطفه وإنعامه ، لذا فقد علم اولئك السحرة الذين آمنوا بوجوب ترجيح هذه النعمة الخالدة على النِعمِ الفرعونية الحقيرة الزائلة.
* * *