تعالى على الرغم من استحكامها وسُمكها ، وتخرجُ براعم لطيفة وظريفة جدّاً من ذلك الخفاء!
وبالحقيقة أنّ انفلاق بذور النباتات أثناء تفتحها يُعدُّ من أدق وأجمل لحظات وجود النبات وتشبه بالضبط لحظة خروج الإنسان من بطن أُمّه ، وهذه اللحظة الحساسة تُعد من عجائب قدرة الله ، إنّها لحظة التحوُّل والتغيُّر الشكلي والانتقال من عالمٍ إلى عالمٍ آخر. ماهذه القوة التي تمنح هذا البرعم الظريف جدّاً القوة على اختراق جدار النواة المحكم ليبرز منتصباً من ذلك المهد ، ويخرج من ظلمات رحم أمّه إلى عالم الظهور؟!
وكلمة (بديع) من مادة (بدع) على وزن (منع) ، وكما أشرنا سابقاً فهي بالأصل بمعنى إيجاد الشيء دون وجود نموذج سابقٍ ، لذا يُطلق على البئر المحفور حديثاً (بديع) ، وعلى الأعمال والسُّنن التي لا سابقة لها (بدعة).
وعندما تُستعمل هذه الكلمة بالنسبة إلى الباري فإنّها تعني إيجاد الشي دون الحاجة إلى الآلات والمكان والزمان ، وهي تصدق فقط بحقه سبحانه.
وكلمة (بديع) صفة مشبّهة تدلّ على ثبوت واستمرار هذه الصفة لتلك الذات المقدّسة (١).
وجاءت كلمة (مصوّر) من مادّة (صورة) ، بمعنى رسم وشكل الشيء ، وجمعها (صُوَر) وهي على نوعين : (الصورة المحسوسة) كصورة الإنسان والحيوانات والموجودات الماديّة الاخرى ، و (الصورة المعقولة) وهي التصورات العقليّة والفكريّة والمفاهيم الخاصّة بكل شيء.
وتستعمل كلمة (المصوّر) بخصوص الباري سبحانه وتعالى عندما يُراد الإشارة إلى الصور التي وهبها للموجودات المختلفة.
إلّاأنّ بعض أرباب اللغة يعتقد بأنّ هذه الكلمة تعني في لغة العرب التغيير والتحوير ، (والصورة) بمعنى (الشكل والهيئة) ، مأخوذة من الأصل العبري (صوراه).
* * *
__________________
(١) المفردات ؛ لسان العرب ؛ التحقيق ؛ ومقاييس اللغة (وقد ذُكر في مقاييس اللغة مفهوم آخر لها وهو الإنقطاع والتعب).