وبالمراجعة إلى كتب التاريخ والفلك نرى أنّ أقدم الطرق في معرفة الوقت وتحديد السنة والشهر هو القمر ، فقد كانت الأمم السابقة تستند استنادا أساسيا إلى التقويم القمري ، وإن كان في عرض ذلك بعض التقاويم الأخرى كالتوقيت بطلوع نجم ، أو موت إنسان عظيم ، أو حادثة ونحو ذلك ، ولكنّهم أساسا لم يحيدوا عن التقويم القمري ، بل كان يساير سائر التقاويم حتى عصرنا الحاضر.
فالمصريون القدماء كانوا يحسبون الزمن بواسطة القمر قبل أن ينتقلوا إلى التقويم الشمسي وقد قسّموا السنة إلى اثني عشر شهرا ، وكلّ شهر إلى ثلاث وحدات متساوية ، وكانت السنة تبتدئ عندهم في أول يوم من شهر (توت) وهذا هو اليوم السادس عشر من شهر يوليه ، ومجموع السنة عندهم ٣٦٥ يوما.
وكذلك البابليون فقد كان تقويمهم الخاص هو التقويم القمري واعتمدوا عليه أشد من غيرهم ، وكان كلّ شهر عندهم مكوّنا من (٢٩) يوما ، والشهور تعقب بعضها بعضا. ومعدّل السنة عندهم ٣٥٤ يوما قصيرا ، ولكنّهم أضافوا شهرا ثالث عشر عند كلّ ثمان سنوات لاعتبارات ، وقسموا الشهر إلى أسابيع وأيام ، ولكن أسابيعهم لم تكن مثل أسابيعنا ، بل كان يحتم عليه أن يكون اليوم الأول من كل شهر هو اليوم الأول من الأسبوع ، ويعزى إليهم أنّهم قسموا اليوم إلى ساعات متساوية لكلّ من الليل والنهار ، وإن كانت الصورة الكاملة لهذه الوحدات حدثت في عصر متأخر عنهم ولكن لهم الشأن الكبير في علم الفلك فقد وصفوا حركات الكواكب وصفا دقيقا وشرحوا ذلك في جداول حسابية.
وأما السومريون فقد تبعوا غيرهم في التقويم القمري إلا أنّهم اعتبروا السنة مكوّنة من (٣٦٠) يوما ، وقسّموا اليوم الكامل إلى ست ساعات أي : ثلاث ساعات لليوم ، وثلاث أخرى للّيل مع اختلاف طول كلّ ساعة عن الأخرى ، ولكنّهم أعرضوا عن ذلك لدركهم بعدم صلاحية الساعات غير المتساوية.
وأما اليونانيون القدماء فكان تقويمهم تقويما قمريا صرفا مع شيء من التغيير في فصول السنة.