قوله تعالى : (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ).
العجلة : طلب الشيء وتحرّيه قبل أوانه ، وهي مذمومة في عامة آيات القرآن الكريم ، ولذا ورد : «إنّ العجلة من الشيطان والتأنّي من الرّحمن». نعم ورد مدحها في جملة من الموارد مذكورة في السنّة المقدّسة يأتي بيانها في محلّها إن شاء الله تعالى ، وقوله عزوجل في شأن نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) : (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ) [القيامة ـ ١٦] ، يمكن أن يكون من العجلة الممدوحة ، ومع ذلك أدّبه الله تعالى بأدب نفسه ترغيبا إلى التّأنّي مهما أمكن ويأتي الفرق بين العجلة والمسارعة في قوله تعالى : (وَيُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ) [آل عمران ـ ١١٤].
والإثم والآثام : اسم للأفعال المبعدة عن الثّواب والخير ، ويطلق على العقوبة أيضا ، وله استعمالات كثيرة في القرآن الكريم.
و «لا» لنفي الجنس في الموضعين أي : لا إثم على الحاج وقد غفرت ذنوبه بما كان من حجته المبرورة.
والمعنى : فمن تعجّل النّفر من منى في يومين وهما يوم النفر والذي بعده ومن تأخر في النّفر إلى اليوم الثالث عشر لا إثم عليه في الحالتين لأنّه مغفور له سواء استعجل أو تأخر.
والآية تبيّن أمرين :
الأول نفي الإثم مطلقا عن المتنسّك فإنّه قد غفرت ذنوبه.
والثاني التخيير في النّفر فإنّ الاستعجال في النفر والتأخير سواء فهو مغفور له على أي حال ، وذلك لدفع توهّم أنّ في التعجيل إثما ، فيكون الكلام من باب المزاوجة التي تعد من أنحاء الفصاحة وإلا فإنّ التأخير فضيلة. كما يقال : إن أعلنت الصدقة فحسن وإن أسررتها فحسن أيضا وإن كان الإسرار أحسن وأفضل ولذلك نظائر كثيرة في كلمات الفصحاء.
قوله تعالى : (لِمَنِ اتَّقى).