المصير إليه تعالى وظهور الحق وفناء التكثّرات فيه.
والإفاضة منها مع ضجيج الحجيج والنّداء والعجيج ، وهم يفيضون من كلّ حدب وصوب قد تخلّوا عن الأهل والأوطان وهم ضيوف جنابه يريدون ساحة قدسه قد تلقّاهم الرّبّ الرّحيم بكلّ حنان ورأفة وعناية ورحمة وهو الرّبّ الرّحيم قد وعدهم أن يزيل عنهم كلّ أهوال المحشر فكان هو المبدأ والمنتهى وتجلّت الإفاضة منه وإليه.
وفي رمي الجمرات استعداد الإنسان للابتعاد عن الشيطان والإعراض عن الخطيئات والسيئات.
وفي إفناء حياة الهدي بالذبح إشارة إلى إفناء النّفس الأمّارة بعد الإهلال وإظهار التقصير والعجز ، وكناية عن طرح كلّ رذيلة عن النّفس والمجاهدة معها في كلّ حقير وكبير.
والرجوع من الحرم إلى الأهل يعتبر رجوعا لتكميل معارف الدّين وأحكام شريعة سيد المرسلين فيتجلّى في هذا السّفر كلّ ما يبتغيه أهل العرفان.
ولا بد أن يكون في جميع الأحوال مولعا بذكر الحبيب طالبا منه مغفرته ورضوانه فإنّ الحبيب لا ينفك عن البكاء والنحيب إذا صد عن حبيبه وطرد عن بابه.
ملأت به سمعي وقلبي وناظري |
|
وكلّي وأجزائي فأين يغيب |
هذه نبذة يسيرة ممّا لا بد أن يعمله السائر في هذا الطريق فإنّ في الحج قد اجتمعت قواعد السّير والسلوك المتبعة في تهذيب النفس.
وفي الحج تتجلّى المشارقات الربوبية على الرّوح الإنساني ، فكم من عناية إلهيّة تفاض على أهل عرفات؟!!
وكم من شروق غيبيّ يشرق على النفوس المستعدّة في المشعر الحرام؟!!.
وكم من تجلّيات ربوبية تظهر للذوات القابلة في الرّكن والمقام!!