ويمكن أن يكون المراد من التّقوى في المقام الإيمان في مقابل الكفر ، فيكون ذكر التّقوى للإشادة بفضلها وعظم منزلتها.
قوله تعالى : (وَاللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ).
أي : إنّه تعالى يرزق من يشاء من عباده كلّا حسب الأهلية والاستحقاق بغير حساب ، لأنّ الذات والفضل فيه جلّت عظمته غير متناهيين والله ذو الفضل العظيم.
وإنّما ذكر سبحانه هذه الجملة في ختام هذه الآية ليعلم الناس أنّ الدنيا أيضا بجميع جهاتها وشؤونها تحت إرادته الربوبية القيومية وأنّ لإرادته عزوجل دخلا في الأسباب الظاهرية التي يؤتى بها لتحصيل الرّزق ، كما لها دخل في تنظيم النظام الأحسن الربوبي بل رزق مخلوقاته داخل في هذا النظام الربوبي فلا يدور رزق عبد مدار صلاحه أو عدم صلاحه فإنّا نرى كثيرا من الفجار أغنياء وكثيرا من الأبرار فقراء ، بل الأمر يدور مدار الأمور التكوينية والمصالح الواقعية التي لا يعلمها إلا الله تعالى ، وفي الحديث : «إنّما وسع الله أرزاق الحمقى ليعتبر العقلاء أنّ الدنيا لا تنال بمكر وحيلة».