والمعنى : إنّ الله تعالى هدى الّذين آمنوا في مورد اختلاف الناس في الحق الّذي هو الدّين والمعارف الإلهية بعلمه وإرادته ، فالهداية الحقيقية التي هي أشرف المقامات الإنسانية وأجلّ المعارج العرفانيّة تنتهي إليه جلّت عظمته على نحو الاقتضاء لا على نحو العلية التامة ليلزم الإلجاء والجبر ، فإنّ الله تعالى لا يجبر أحدا على الإيمان والهداية ويدل على ذلك قوله تعالى : (وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ).
ويستفاد من الآية المباركة : أنّ لله تعالى أفرادا من الناس في كلّ أمة لهم قابلية الهداية والاهتداء إلى الحق وهم المؤمنون الذين لا يؤثر فيهم اختلاف الناس في الحق. بهم ينوّر الله السّبيل ، وقد أفنوا حياتهم في سبيل الله تعالى ، وهم في سكون واطمئنان وسائر الناس في اختلاف واضطراب ، وبهم تتم الحجة على العباد.
قوله تعالى : (وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ).
أي : يهدي ويوصل ـ على سبيل الاقتضاء ـ من أراد من عباده إلى الواقع الذي هو الصراط المستقيم كما مر.