ولا يباشروه ، ولا يحاجهم ولا يحاجوه فثبت أنّ له سفراء في خلقه وعباده يدلونهم على مصالحهم ومنافعهم وما فيه بقاؤهم وفي تركه فناؤهم ، فثبت الآمرون والناهون عن الحكيم العليم في خلقه ، وثبت عند ذلك أنّ له معبّرين وهم الأنبياء وصفوته من خلقه ، حكماء مؤدبين بالحكمة مبعوثين بها غير مشاركين للناس في أحوالهم وعلى مشاركتهم لهم في الخلق والتركيب ، مؤيّدين من عند الحكيم العليم بالحكمة والدّلائل والبراهين والشواهد : من إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص ، فلا تخلو أرض الله من حجة يكون معه علم يدل على صدق مقال الرّسول ووجوب عدالته».
أقول : حديث شريف يبيّن احتياج الناس إلى النبوة ووجوبها في الخلق وبيان ارتباط الخلق مع الخالق.
ويتضمّن الحديث ما يجب أن يتصف به الأنبياء ، ولزوم كون الأنبياء مظهرين للمعجزة في الخلق ليكون ذلك علامة على أنّهم بعثوا من عالم الغيب إلى عالم الشّهادة ، وأنّه لا يمكن خلوّ الناس من أول خلقهم إلى آخر فنائهم عن حجة لله تعالى عليهم إمّا ظاهرة أو مستورة خفية ، لعدم استعداد الظروف لظهورها. وكل ما ورد في الحديث الشريف مطابق للآيات القرآنية والشواهد العقلية ، كما ستعرف في المحلّ المناسب إن شاء الله تعالى.