التأكيدات في القرآن الكريم والسنة الشريفة ، ففي المقام نهى عن الزّواج بالمشركين والمشركات وبيّن عزوجل العلّة في ذلك بأنّهم يدعون إلى النار لما يقترفونه من المعاصي والآثام وليس لهم أيّ رادع نفساني يردعهم عن ذلك لعدم اعتقادهم بالله تعالى ، فليس لهم شأن إلا الدّعوة إلى النار مطلقا.
وعلى نقيض ذلك المؤمن فإنّه يدعو إلى المغفرة والجنة والإحسان والتحلّي بمكارم الأخلاق فهو يدعو إلى الله قولا وعملا ، فالإيمان بالله هو أساس كلّ خير وسعادة وله الأثر الكبير في نشوء الأولاد الصالحين بل وصلاح الاجتماع وتقدمه.
ثم إنّه لا فرق في الدّعوة إلى النار بين أن تكون قصدية كإيقاع الناس في المحرّمات وتسهيل أسبابها عليهم أو تكون انطباقية قهرية كمن يعمل منكر يعلم تقليد الناس له فيه فهو يدعوهم إلى النار ولو لم يكن من قصده ذلك.
كما لا فرق بين أن تكون بالمباشرة أو التسبيب قلّت الأسباب أم كثرت ، وكذا لا فرق بين أن يكون موردها النفوس والأعراض أو الأموال المحترمة وإن كان بينها تفاوت بالشدة والضعف.
وتشمل الآية جميع الاعتقادات الباطلة والآراء الفاسدة التي لا يرضى الشرع بها ، بل إنّها تشمل الدّعوة إلى النار بالقول أو الفعل أو الكتابة ونحوها.
وتجري جميع هذه الأقسام بالنسبة إلى المغفرة والجنة ولكن يشترط أن تكون بإذن الله تعالى وإمضائه وإلا كان من التشريع المحرّم.
وما ذكره جمع من الفقهاء من تحقق الاستحباب الشرعي بأخبار قاصرة السند تمسكا بأخبار من بلغه ثواب عن النبي (صلىاللهعليهوآله) فعمل به فله ذلك الثواب وإن كان رسول الله (صلىاللهعليهوآله) لم يقله.
فهو مخدوش : لأنّ مجموع تلك الأخبار بعد رد بعضها إلى بعض لا يستفاد منها إلا المطلوبية النفسية الفعلية من كلّ جهة ، وقد ذكرنا بعض الكلام في كتابنا (تهذيب الأصول) فراجعه هناك.