والأفعال ونحو ذلك.
والنجاسة : هي القذارة المحدودة شرعا. والطهارة : صفة خاصة تنافي النجاسة وهي إما ظاهرية ـ التي تحصل من زوال النجاسة والتجنب عنها ـ أو معنوية ولها مراتب كثيرة قال تعالى : (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) [المدثر ـ ٥] ، وقال تعالى : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) [الأحزاب ـ ٣٣] ، وقال تعالى : (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) [الواقعة ـ ٧٩].
فكما أنّ ظاهر البدن واللباس يستقذر بالقذارات الظاهرية فلا بد في تطهيرهما بالكيفية المقررة في الشريعة الإسلامية ، كذلك تستقذر الروح بالمعاصي والذنوب والأخلاق الرذيلة ولا بد من تطهيرها بالإيمان والتوبة والاجتناب عما يوجب التنفر والكراهة وإلا حصل التباعد بينها وبين المبدأ الفياض فتبتعد عن محالّ القدس ، وتخرج عن الصراط المستقيم وتهوي أخيرا إلى سواء الجحيم وقد اهتم الإسلام بكلّ منهما نهاية الاهتمام وكماله.
والطهارة في جميع الكتب السماوية تكون على قسمين : إما طهارة حدثية ، أو طهارة خبثية ، والأولى ترفع الأحداث وهي : الوضوء ، والغسل ، على ما هو المقرّر في الشرع الإسلامي. والثانية تزيل النجاسة الحاصلة بملاقاة إحدى الأعيان النجسة وهي في الشريعة الإسلامية إحدى عشرة : الدم ، والبول ، والغائط ، والمني من الإنسان وبعض الحيوانات ، والميتة ، والكلب ، والخنزير البريان ، والمشرك ، والمايع من المسكر على ما هو مفصّل في الفقه.
الثالث : يستفاد من قوله تعالى : (فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ) أنّ المحرّم هو إتيان النساء في محلّ الحيض فقط ، لاختصاص العلة التي ذكرها سبحانه في الآية الشريفة بهذا الموضع ، فيحرم الجماع في الفرج لا مطلق التلذذ والتمتع والمعاشرة ويكون ذلك حدّا وسطا بين تحريم مطلق المعاشرة مع الحائض كما يفعله اليهود وبعض العرب وبين الإباحة المطلقة كما يفعله النّصارى أو بعض مشركي العرب الذين كانوا يستحبون المعاشرة معهنّ في هذا الوقت.