وكوّن لهم سورا من حديد يقطع الأرض (١) إلى السماء ، فأسكن الفرقة الأخرى فيها ، لا يعلم أهل جابرسا بموضع أهل جابلقا ، ولا يعلم أهل جابلقا بموضع أهل جابرسا ولا يعلم بهم أهل أوساط الأرض من الجنّ والنسناس.
فكانت الشمس تطلع على أهل أوساط الأرضين من الجنّ والنسناس ، فينتفعون بحرّها ويستضيئون بنورها ، ثمّ تغرب في عين حمئة (٢) ، فلا يعلم بها أهل جابلقا إذا غربت ، ولا يعلم بها أهل جابرسا إذا طلعت ، لأنّها تطلع من دون جابرسا ، وتغرب من دون (٣) جابلقا.
فقيل : يا أمير المؤمنين ، فكيف يبصرون ويجيئون؟ وكيف يأكلون ويشربون؟ وليس تطلع الشمس عليهم!؟
فقال عليهالسلام : إنّهم يستضيئون بنور الله ، فهم في أشدّ ضوء من نور الشمس والقمر (٤) ، ولا يرون أنّ لله تعالى شمسا (٥) ولا قمرا ولا نجوما ولا كواكب ، و (٦) لا يعرفون شيئا غيره.
فقيل : يا أمير المؤمنين ، فأين إبليس عنهم؟
قال : لا يعرفون إبليس ولا سمعوا بذكره ، لا يعرفون إلّا الله وحده لا شريك له ، لم يكتسب أحد منهم قطّ خطيئة ولم يقترف إثما ، لا يسقمون ولا يهرمون ولا يموتون إلى يوم القيامة ، يعبدون الله لا يفترون ، الليل والنهار عندهم سواء.
__________________
(١) قوله : (الأرض) لم يرد في «ر» «س» «ص».
(٢) عين حمئة أي ذات حمئة ، وهي الطين الأسود ، وفي رواية جابر عن أبي جعفر عليهالسلام قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : تغرب الشمس في عين حمئة في بحر دون المدينة التي ممّا يلي المغرب ، يعني جابلقا. (انظر : مجمع البيان ٦ : ٣٧٨ ، نور الثقلين ٣ : ٢٩٧)
(٣) قوله : (جابرسا ، وتغرب من دون) ليس في «ر» «س».
(٤) قوله : (والقمر) من «ر» «س».
(٥) في «ر» «س» (أنّ الله تعالى خلق لا شمسا) بدلا من : (ولا يرون) إلى هنا.
(٦) الواو من «ر» «س».