عذابي ويهدونهم إلى طاعتي ، ويسلكون بهم طريق سبيلي ، أجعلهم حجّة لي عذرا ونذرا وأنفي الشياطين من أرضي وأطهّرها منهم ، فأسكنهم في الهواء وأقطار الأرض وفي الفيافي ، فلا يراهم خلقي ولا يرون شخصهم ، ولا يجالسونهم ، ولا يخالطونهم ، ولا يؤاكلونهم ، ولا يشاربونهم ، وأنفر مردة الجنّ العصاة عن نسل بريّتي وخلقي وخيرتي فلا يجاورون خلقي ، وأجعل بين خلقي وبين الجانّ حجابا ، فلا يرى خلقي شخص الجنّ ، ولا يجالسونهم ، ولا يشاربونهم ، ولا يتهجّمون تهجّمهم ، ومن عصاني من نسل خلقي الذي عظّمته واصطنعته لعيني (١) ، أسكنهم مساكن العصاة وأوردهم موردهم ولا أبالي.
فقالت الملائكة : (لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ)(٢) ، فقال الله تعالى للملائكة : (إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ* فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ)(٣).
قال : وكان ذلك من الله تقدمة للملائكة قبل أن يخلقه احتجاجا منه عليهم ، وما كان الله ليغيّر ما بقوم إلّا بعد الحجّة عذرا أو نذرا ، فأمر تبارك وتعالى ملكا من الملائكة ، فاغترف غرفة بيمينه ، فصلصلها (٤) في كفّه فجمدت ، فقال الله عزوجل : منك أخلق (٥).
__________________
(١) في «س» : بياض وفي «ص» : (واصطفيته) ، ولم ترد في «ر».
(٢) البقرة : ٣٢.
(٣) الحجر : ٢٨ ـ ٢٩.
(٤) الصلصال : الطين الحرّ خلط بالرمل ، فصار يتصلصل إذا جفّ. (بحار الأنوار ٥ : ٢٣٨)
(٥) عنه في بحار الأنوار ٥٤ : ٣٢٢ / ٥ ، وقد ورد نظيره ذيل تفسير الآية (إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ) ورواه الصدوق في علل الشرائع : ١٠٥ / ١ ضمن حديث طويل بنفس السند.
وانظر : تفسير العيّاشيّ ٢ : ٢٤٠ / ٧ ، وتفسير القمّي ١ : ٣٥ وعنه في بحار الأنوار ٥ : ٢٣٧ / ١٦ وج ١١ : ١٠٣ / ١٠ وكنز الدقائق ١ : ٢٢٢.