وأدخلني حفرتي ، وإذا حضرت وفاتك وأحسست بذلك من نفسك ، فالتمس خير ولدك وأكثرهم لك صحبة وأفضلهم فأوص إليه بما أوصيت به (١) إليك ، ولا تدع الأرض بغير عالم منّا أهل البيت.
يا بنيّ ، إنّ الله تعالى أهبطني إلى الأرض ، وجعلني خليفة فيها وحجّة له على خلقه ، وجعلتك (٢) حجّة الله في أرضه من بعدي ، فلا تخرجنّ من الدنيا حتّى تجعل لله حجّة على خلقه ووصيّا من بعدك ، وسلّم إليه التابوت وما فيه كما سلّمت إليك ، وأعلمه أنّه سيكون من ذرّيّتي رجل نبيّ اسمه نوح يكون في نبوّته الطوفان والغرق ، وأوص وصيّك أن يحتفظ بالتابوت وبما فيه.
فإذا حضرته وفاته فمره أن يوصي إلى خير ولده وليضع كلّ وصي وصيّته في التابوت ، وليوص بذلك بعضهم إلى بعض ، فمن أدرك منهم نبوّة نوح فليركب معه وليحمل التابوت وما فيه إلى فلكه ، ولا يتخلّف عنه واحد. واحذر يا هبة الله وأنتم يا ولدي ، الملعون قابيل.
فلمّا كان اليوم الذي أخبره الله أنّه متوفّيه تهيّأ آدم صلوات الله عليه للموت وأذعن به ، فهبط ملك الموت فقال آدم عليهالسلام : أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّي عبد الله وخليفته في أرضه ، ابتدأني بإحسانه (٣) ، وأسجد لي ملائكته وعلّمني الأسماء كلّها ثمّ أسكنني جنّته ولم يكن جعلها لي دار قرار ولا منزل استيطان ، وإنّما خلقني لأسكن الأرض الذي أراد من التقدير والتدبير.
وقد كان نزل جبرئيل عليهالسلام بكفن آدم من الجنّة والحنوط ، والمسحاة معه قال : ونزل مع جبرئيل سبعون ألف ملك صلوات الله عليهم ليحضروا جنازة آدم عليهالسلام ،
__________________
(١) قوله : (به) ليس في «ر» «س».
(٢) في «ر» زيادة : (أنا).
(٣) في «ر» : (واجتباني).