قد أدرك فرعون يوسف ، وكان أهل ذلك الزمان قد ولعوا بالعاديّ يرمونه بالحجارة ، وأنّه أتى فرعون يوسف ، فقال : أجرني عن الناس ، وأحدّثك بأعاجيب رأيتها ، ولا أحدّثك إلّا بالحقّ ، فأجاره فرعون ومنحه وجالسه وحدّثه ، فوقع منه كلّ موقع ، ورأى منه أمرا جميلا.
قال : وكان فرعون مصر (١) لم يتعلّق على يوسف بكذبة ولا على العادي ، فقال فرعون ليوسف : هل تعلم أحدا خيرا منك؟ قال : نعم أبي يعقوب ، قال : فلمّا قدم يعقوب عليهالسلام على فرعون حيّاه بتحيّة الملوك ، فأكرمه وقرّبه وزاده إكراما ليوسف ، فقال فرعون ليعقوب عليهالسلام : يا شيخ ، كم أتى عليك؟
قال : مائة وعشرون سنة ، قال العاديّ : كذب ، فسكت يعقوب ، وشقّ ذلك على فرعون حين كذّبه ، فقال فرعون ليعقوب عليهالسلام : كم أتى عليك؟
قال : مائة وعشرون سنة ، فقال العاديّ : كذب. فقال يعقوب صلوات الله وسلامه عليه : اللهمّ إن كان كذب فاطرح لحيته على صدره ، قال : فسقطت لحيته على صدره فبقي وجيا (٢).
فهال ذلك فرعون وقال ليعقوب : عمدت إلى رجل أجرته فدعوت عليه ، أحبّ أن تدعو إلهك بردّه ، فدعا له فردّه الله إليه ، فقال العاديّ : إنّي رأيت هذا مع إبراهيم خليل الرحمن في زمن كذا وكذا. قال يعقوب : ليس أنا الذي رأيته إنّما رأيت إسحاق ، فقال له : فمن أنت؟ قال : أنا يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن صلوات الله عليهم ، فقال العاديّ : صدق ، ذلك الذي رأيته ، فقال : صدق وصدقت (٣).
__________________
(١) قوله : (مصر) لم يرد في «ص» «م».
(٢) في «م» : (واحبا) ، وفي «ص» غير واضحة ، وفي البحار غير مذكورة ، والظاهر أنّه بقي خاليا من اللحية لا خير عنده كما فسّرت في اللسان ١٥ : ٣٧٨ والقاموس المحيط ٤ : ٣٩٩ ، وفي الخرائج والجرائح : (واجما) ، ووجم : سكت على غيظ ، فهو واجم كما في القاموس المحيط ٤ : ١٨٥.
(٣) عنه في بحار الأنوار ١٢ : ٢٩٧ / ٨٤.