كما هو الظاهر ، فهي إنّما تتّصف بالوجود والعدم. والظاهر من الفقهاء التمسّك بالإطلاق فيها على كلا التقديرين ، وإنّما الكلام في وجه ذلك.
وربّما وجّه بأنّ الشارع بما أنّه واحد من أهل العرف وقد أمضى معاملاتهم العرفيّة ، وإن اعتبر فيها أشياء جعلها شروطا لها كالقبض في بيع الصرف ، فلا يفرق حينئذ بين القول بالصحيح وعدمه في التمسّك بإطلاقها في نفي ما يشكّ في اعتباره فيه بعد صدق المسمّى من كونه بالعربيّة أم لا ، وكونه محتاجا إلى لفظ أم تكفي المعاطاة ، وكون تقدّم الإيجاب معتبرا فيه أم لا.
ولا يخفى عليك ما في هذا الكلام ، فإنّ أسماء المعاملات إن كانت موضوعة للأسباب كان لهذا الكلام مجال واسع ، ولكنّها موضوعة للمسبّبات ، فإنّ قوله : (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ)(١) ليس المراد منه أنّه أحلّ قول «بعت» و «قبلت» وإنّما المراد أنّه أحلّ المبادلة بين الطرفين ، وكذا قوله : «النكاح سنّتي» المراد منه المسبّب ، وهو العلقة الزوجية لا لفظ «أنكحت» وأشباهها.
وحينئذ فالإمضاء متحقّق في المسبّبات ، وأمّا الأسباب فلا دليل يدلّ على إمضائها.
نعم ، لو لم يكن للمسبّب إلّا سبب واحد ، أو كانت له أسباب متعدّدة عرفا وليس بينها قدر متيقّن ، فبدلالة الاقتضاء يستفاد إمضاء السبب من إمضاء مسبّبه ، صونا لكلام الحكيم عن اللغويّة.
وربّما يتوهّم دلالة (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)(٢) على إمضاء الأسباب ؛ لظهور العقد في الإيجاب والقبول ، لكنّ الظاهر عدم دلالتها ؛ فإنّ لفظ العقد وإن كان ظاهرا في العقد إلّا أنّ لفظة «أوفوا» التي هي بمعنى : أنهوا المعاملة إنّما يصحّ تسليطها
__________________
(١) البقرة : ٢٧٥.
(٢) المائدة : ١.