على أمر ذي استمرار ، والعقد بمعنى اللفظ ليس أمرا ذا استمرار ، فلا بدّ من أن يراد منه المسبّب وهو المبادلة في البيع مثلا.
وقد تخلّص الميرزا قدسسره (١) من إشكال عدم إمضاء الأسباب واختصاص الإمضاء بالمسبّبات بنفي كون ألفاظ العقود أسبابا ونتيجتها مسبّبات نظير الأفعال التوليديّة ، بل جعلها آلة والمسبّبات هي ذوات الآلة ، والإرادة الإمضائية من الشارع قد تعلّقت بالمعاملة ، فهي حينئذ وجود واحد قد تعلّق الإمضاء بها.
ولا يخفى أنّ كونها آلة لا يرفع الإشكال ؛ فإنّ الآلة وجودها غير وجود ذي الآلة ، فإمضاء ذي الآلة لا يكون إمضاء للآلة إلّا إذا لم يكن قدر متيقّن ، فصونا لكلام الحكيم وإمضائه عن اللغويّة نقول بإمضائه للجميع. لكن القدر المتيقّن في المعاملات من ناحية الأسباب موجود ، وهو اللفظ العربي المشتمل على الإيجاب الخاصّ والقبول المترتّبين على نحو لا تفوت الموالاة مع بقيّة الشرائط. وحينئذ فلا إمضاء للأسباب فيعود المحذور. والتمسّك بإطلاق الآلة في قولك : اقتل زيدا لأنّها من الأمور التكوينيّة فيتخيّر بمقتضى الإطلاق في تعيينها ، وهذا بخلاف الأمور التشريعيّة سواء كانت اختراعيّة له أم كانت إمضائية ، فإنّ التخيير فيها قبل الإمضاء لا معنى له.
والتحقيق في حلّ الإشكال أن يقال : إنّ حديث السبب والمسبّب وكذا حديث الآلة وذي الآلة ليس له واقعيّة أصلا. وكذا حديث أن الصيغة الإنشائيّة ايجاديّة فإنّا قد ذكرنا أنّه لا معنى له ، فإنّا إذا نظرنا إلى وجداننا لا نرى في موارد المعاملات إلّا اعتبارا نفسانيّا يعتبره البائع ، وهو أنّ هذه العين التي كانت ملكا له قد صارت بحسب اعتباره النفساني ملكا لعمرو مثلا. ثمّ إنّه يبرز ذلك الاعتبار بمبرز فيقول : بعت. ثمّ يأتي له الإمضاء الثابت من العقلاء ، فتارة تمضيه العقلاء إذا كان صادرا
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٧٣ ـ ٧٤ ، وفوائد الاصول ١ : ٨١.