فكان يحاول أن ينظم أمور أولاده ، فمما قاله لي ذات مرّة ونحن في طريقنا إلى حيّ الحنانة : إن راتبك الشهري خمسة عشر دينارا ، فإذا نصفته نصفين كان لكل يوم من الشهر مقدار نصف دينار (أي عشرة دراهم) فقال لي : حاول أن لا تصرف في اليوم الواحد أكثر من نصف دينار على غذائك.
ولكن قائد السيارة تدخل في الأمر وقال : يا شيخ كيف يمكن أن يقتصر الانسان على نصف دينار في اليوم مع أن حقّة (١) الرقّي بثمانية دراهم؟!
فأجابه الشيخ قائلا : ليس من الواجب أن يأكل الرقيّ إذا كان سعره مرتفعا ، فليأكل الخيار ، فإنّ الرقّي يحتاج إليه الانسان للبرودة ، والخيار أيضا يستعمل للبرودة ، وسعر كيلو الخيار ثلاثين فلسا ، فما هي الضرورة لاستعمال الرقّي؟
وعند ما سمع قائد السيارة هذا الجواب ، قال : هذا صحيح يا عمي ولكن النفس دنيئة تحتاج إلى الرقّي.
فأجابه قائلا : نعم سوف نأكل الرقّي عند ما تكون قيمة الحقّة خمسين فلسا.
أعماله الحسينية :
كان رحمهالله يواظب على المجالس الحسينية حضورا ويشجّع عليها ، ويطلب من الخطباء التعرض للوعظ والارشاد في ضمن تعرضهم لمصائب سيد الشهداء ومصائب أهل البيت عليهمالسلام.
وكانت من سيرته التي كنّا نشاهدها : اخراج درهمين من كل دينار «يصل إليه لمعيشته» للحسين عليهالسلام ، وعند ما يقترب شهر محرم الحرام يستخرج هذه الأموال ويقسّمها على أهله ومحبيه لشراء السواد ولبسه حزنا على سيد الشهداء كشعار عرفته الشيعة بعد واقعة كربلاء.
__________________
(١) الحقّة : تساوي أربعة كيلوات.