استفادة الإطلاق من دليل الحكم الواقعي وعدم استفادة البدليّة من دليل الحكم الظاهري أو الاضطراري والقول بعدم الإجزاء مبنيّ على إنكار كلا هاتين المقدّمتين.
فالكلام يقع في أدلّة الأحكام الواقعيّة وفي استفادة الإطلاق منها وعدمه ، وبعد إحراز إطلاقها يقع الكلام في أدلّة الأحكام الظاهريّة أو الاضطراريّة وفي استفادة بدليّتها عن الواقع وعدمها. هذا كلّه في إجزاء المأمور به بالأمر الاضطراري أو الظاهري عن الواقعي بعد ارتفاع الاضطرار أو انكشاف الخلاف. وأمّا إجزاؤهما عن أمرهما كإجزاء الواقعي عن أمره فلا يعقل النزاع فيه.
نعم ، ذكر صاحب الكفاية قدسسره (١) جواز تبديل الامتثال بالامتثال ومثّل له بما إذا أمر المولى عبده بماء ليشرب فجاءه بالماء ، فما لم يتحقّق منه الشرب له تبديله بفرد آخر أحسن منه ، وقد ذكرنا في مسألة المرّة والتكرار استحالة تحقّق الامتثال بعد الامتثال ، ولا بأس بالتعرّض له هنا أيضا.
فنقول : إنّ تبديل الامتثال بالامتثال مستحيل ؛ إذ بعد فرض الإتيان بالمأمور به بتمام ما يعتبر فيه فإنّ إتيانه الثاني إن كان مع بقاء الأمر الأوّل فواجب لا جائز ، وإلّا فليس امتثالا ؛ إذ الامتثال فرع الأمر ، فمع سقوطه أيّ معنى للامتثال الثاني.
وما ذكره من المثال العرفي ، فأوّلا : الغرض في الموالي العرفيّة في أفعالهم أنفسهم بعد فعل العبد كأن يشرب الماء مثلا ، وفي المولى الحقيقي الغرض في نفس فعل العبد ليس إلّا ، وقد حصل.
وثانيا : أنّا ذكرنا فيما تقدّم أنّ الغرض ليس إلّا تمكّن المولى من الشرب وقد حصل ، لا الشرب ليجوز له تبديله.
نعم ، ورد في جملة من الموارد الشرعيّة ما يوجب توهّم ذلك ، كما ورد في صلاة الآيات من التكرار ما دام الآية (٢) وكما ورد في من صلّى منفردا أنّه يكرّر صلاته إذا
__________________
(١) انظر كفاية الاصول : ١٠٣ و ١٠٧.
(٢) انظر الوسائل ٥ : ١٥٣ ، الباب ٨ من أبواب صلاة الكسوف.