إنّما الكلام في أنّ هذا الحكم العقلي هل يستكشف به حكم شرعي يسمّى بمتمّم الجعل ـ كما ذكره الميرزا النائيني قدسسره (١) ـ أم لا يستكشف به حكم شرعي؟ الظاهر هو الثاني ؛ لأنّ استكشاف الحكم الشرعي من الحكم العقلي إنّما يكون حيث يستكشف العقل ملاك الحكم ، كما في قبح الظلم حيث استكشف العقل أنّه يؤدّي إلى انعدام العالم بسبب تعدّي القويّ على الضعيف ، فهنا يستكشف الحكم الشرعي من الحكم العقلي. أمّا حيث لا يدرك العقل إلّا العقاب وقبح الترك فلا يستكشف حينئذ الحكم الشرعي ، ولا داعي له ؛ لكفاية حكم العقل في ردع العبد عن تفويت الملاك.
ولا يخفى أنّ ما ذكرناه في المقام إنّما هو بعد إحراز كون الفعل ذا ملاك فعلي ملزم ، وهذه الكبرى ـ وهي أنّ تفويت الملاك الملزم كتفويت الواجب الفعلي قبيح ـ مسلّمة ومتينة ، إلّا أنّ الكلام في تحقّق صغراها ؛ إذ ما هو المثبت لكون الصوم في وقته ذا ملاك ملزم حال العجز عنه ؛ إذ لعلّ ملاكه موقوف على القدرة عليه في وقته ، ولا يجب على العبد أن يصيّره ذا ملاك ملزم في ظرفه بحفظ القدرة عليه.
نعم ، لو أحرز الملاك تمّ ما ذكر كما هو كذلك بالإضافة إلى حفظ بيضة الإسلام فلا يجوز للمكلّف أن يعجّز نفسه عن حفظها في الوقت المتأخّر الذي يجب فيه الحفظ. ولكن ثبوت ذلك ـ يعني الملاك في الجميع ـ يحتاج إلى علم الغيب ، بل الظاهر من الفقهاء الجزم به حالة القدرة عليه في ظرفه في حصول الملاك ، وإلّا لأوجبوا حفظ القدرة مع احتمال وجود الملاك ؛ إذ حكم احتمال الملاك كاحتمال الخطاب منجّز لا بدّ له من مؤمّن.
نعم ، ذكروا في مبحث الضدّ أنّ قول المولى : «إذا زالت الشمس فقد وجب الطهور والصلاة» يستفاد منها بالمطابقة وجوب الصلاة وبالالتزام وجود الملاك وبالحكم العقلي وهو «قبح تكليف العاجز» بل والشرعي وهو «رفع ما لا يطيقون»
__________________
(١) راجع أجود التقريرات ١ : ٢٢١ و ٢٢٩.