فحينئذ الحكم بالإضافة إلى كلّ قيد إمّا أن يكون دخيلا في ملاك الحكم بحيث يكون مأخوذا في موضوع الوجوب كما في قوله : إذا زالت الشمس فقد وجب الطهور والصلاة ، فالزوال مأخوذ في ملاك الحكم بحيث لا وجوب قبله ولا مصلحة في ذلك.
وإمّا أن يكون دخيلا في الموضوع لكن لا يدور الحكم مداره ، بل دخالته من جهة استحالة الإهمال وليس ينتفي الحكم بنفيه ، بل الحكم موجود ، وجد أم لم يوجد ، وذلك كما إذا قال المولى : إذا زالت الشمس فقد وجب الطهور والصلاة ، فهذا بالإضافة إلى كون المكلّف طويلا أو قصيرا كذلك ، لهما دخل في متعلّق التكليف إلّا أنّ دخلهما لأجل عدم اعتبارهما في فعليّة الحكم لا من جهة اعتبارهما.
وإمّا أن لا يكون دخيلا في الملاك وجودا ولا عدما ولا دخيلا في الموضوع ، ولكنّه مأخوذ في الموضوع ولكنّه لا بنحو يكون له دخالة في الحكم كما في الإطاعة والعصيان ، فإنّ كلّ تكليف يقتضي إطاعة نفسه وعدم عصيانه فهما مأخوذان في الموضوع لكن لا يدور الحكم مدار الإطاعة ، بل الحكم موجود أطاع أو عصى ، وإلّا فلا طاعة ولا عصيان.
إذا عرفت هذه الأقسام فنقول : إنّ الحكم بأيّ معنى فسّر سواء كان إبراز الطلب كما عليه الآخوند قدسسره (١) أو إيقاع النسبة أو الاعتبار النفساني أو غير ذلك ، قد ذكرنا في بحث اجتماع الحكم الظاهري والواقعي أنّ المانع من اجتماع الحكمين إمّا أن يكون مانعا من حيث المبدأ أو من حيث المنتهى ، مثلا استحالة اجتماع الأمر والنهي لمانع من حيث المبدأ ، وهو اجتماع الإرادة والكراهة معا في وقت واحد نحو شيء واحد ، وقد يكون من حيث المنتهى كما إذا اشتاق إلى شيء واشتاق إلى شيء آخر كأن اشتاق إلى اللباس الجيّد واشتاق إلى الطعام الجيّد إلّا أنّه ليس له دراهم
__________________
(١) انظر كفاية الاصول : ٨٤.