يشتريهما معا ، بل له ما يشتري أحدهما ، وحينئذ ففي المقام لا مانع من حيث المبدأ إذ لا مانع من أن يشتاق المولى إلى كلّ من الضدّين شوقا أكيدا فيبقى الكلام في المانع من حيث المنتهى.
فنقول : إنّ توجّه الطلب الأهمّ للإزالة مثلا إنّما يقتضي إطاعته بصرف قدرة المكلّف في إزالة النجاسة من المسجد ويقتضي أن لا يعصى ، ولكنّ الأمر بالمهمّ إذا كان مشروطا بعصيان الأمر بالأهمّ فهو لا يقتضي العصيان ؛ لأنّ المفروض كون العصيان شرطا له ، فهو قبل تحقّقه لا ملاك له ؛ ضرورة أنّ كلّ مشروط إنّما يكون واجدا للملاك بعد فرض تحقّق شرطه في الخارج.
وبالجملة ، الأمر بالأهمّ وهو الإزالة إنّما يقتضي وجودها ، ويقتضي أيضا عدم عدمها ، فلو سئل نفس خطاب الأهمّ فقيل له : لو عصيت ولم تتحقّق الإزالة في الخارج فهل تقتضي شيئا في الخارج؟ يقول : لا أقتضي شيئا من الأشياء ، فسواء أكل أو شرب أو صلّى أو نام لا يفرق علي فيما يهمّني أصلا ؛ وذلك لأنّه قد اقتضى الإطاعة وعدم العصيان ، ولكن الأمر بالصلاة الذي هو المهمّ لا يقتضي العصيان ؛ لأنّه شرطه فيلزم أن يكون مفروض الوجود حتّى يتحقّق الملاك ؛ إذ هو من قبيل ما كان دخيلا في ملاك الحكم الذي هو القسم الأوّل ، والأمر بالأهمّ من قبيل القسم الثالث وهو ما تعرض للإطاعة والعصيان ولكن لم يكن دخيلا في الحكم.
وحينئذ فنحن نقول بأنّ الأمر بالضدّين بنحو الترتّب لا مانع منه أصلا ؛ إذ لو اقتضى الأمر بالمهمّ عصيان الأمر بالأهمّ كان هناك محذور من حيث المنتهى ؛ إذ كيف يقدر على عدم العصيان بمقتضى الأمر بالأهمّ ونفس العصيان بمقتضى الأمر بالمهمّ إلّا أنّ فرض العصيان شرطا للملاك في المهمّ رافع لذلك كلّه ، وهذا بخلاف ما إذا كان كلّ من الأمرين مطلقا أو كان أحدهما مقيّدا بغير عصيان المطلق فإنّه في هاتين الصورتين يكون طلبهما طلبا للمحال فيكون محالا ، وأمّا لو كان أحدهما مطلقا والآخر مقيّدا بعصيانه فهو وإن اجتمع هناك أمران إلّا أنّهما