إحراز المقتضي ؛ لأنّ كلّ عموم هو من أطراف العلم الإجمالي ، فأصالة العموم فيه معارضة بأصالة العموم في بقيّة الأطراف. ونظيره في الاصول العمليّة أيضا أطراف الشبهة المحصورة ، فإنّ أصالة الطهارة والحلّية في كلّ من الإناءين معارض بأصالة الطهارة والحلّية في الآخر.
نعم إن استندنا فيها للسيرة وبناء العقلاء وقلنا بأنّ بناءهم في مثل عمومات الكتاب والسنّة ـ ممّا تعارف فيها التخصيص ـ هو الحجّية بعد الفحص لم يكن فرق بين الفحصين ، فليس إطلاق القول بالتفرقة بين الفحصين ممّا ينبغي ، إلّا أن يبنى على لزوم الفحص من جهة العلم الإجمالي ، وإلّا فقد عرفت أنّه إذا كان مدرك وجوب الفحص هو بناء العقلاء فلا فرق بين الفحص في المقامين.
وكيف كان ، فقد ذكر لوجوب الفحص قبل العمل بالعموم عن المخصّص وجوه :
الأوّل : أنّ العامّ لا يفيد الظنّ بالعموم إلّا بعد الفحص عن مخصّصه فيجب الفحص لذلك.
وفيه : أنّ الفحص لا يحقّق الظنّ بالعموم أيضا لقرب عدم الاطّلاع على المخصّص أو عدم وصوله. وثانيا : أنّ مناط حجّية العموم هو حجّية الظهور الغير المعتبر فيها الظنّ بالوفاق أو عدم الظنّ بالخلاف ، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
الثاني : أنّ عموم الحكم للغائبين إنّما هو من باب ثبوت حكم المشافهين في حقّ الغائبين ، فلا بدّ من الفحص ليحصل لنا العلم بحكم المشافهين.
وفيه : أنّ الفحص لا يعلم فيه حكم الغائبين ، لإمكان عدم وصوله أو عدم الاطّلاع عليه. وثانيا بأن ليس جميع العمومات من قبيل خطاب المشافهة.
وبالجملة ، فالوجوه المذكورة لوجوب الفحص ضعيفة لا نتعرّض لها.
نعم العمدة في الأدلّة دليلان أو ثلاثة فلنتعرّض لها :
أوّلها : العلم الإجمالي بأنّ للعمومات المذكورة في الكتاب والسنّة مخصّصات ، وهذا العلم الإجمالي مانع عن التمسّك بالعمومات ؛ لأنّ كلّ فرد من أفراد العمومات