من أطراف العلم الإجمالي فيحتمل أنّه هو المخصّص ، وبعد الفحص يعلم حينئذ بعدم كونه من أطراف العمومات المخصّصة.
وقد ردّ صاحب الكفاية قدسسره هذا الاستدلال بأنّ هذا العلم الإجمالي قد انحلّ بالاطّلاع على جملة من المخصّصات لا يعلم بأكثر منها ، وحينئذ فبعد الانحلال يلزم جواز العمل بلا فحص. ومن المعلوم لزوم الفحص حتّى بعد الانحلال وليس إلّا أنّ العلم الإجمالي ليس هو المقتضي والعلّة لوجوب الفحص ، وإلّا لدار معه وجودا وعدما.
وبالجملة ، المدّعى لزوم الفحص عن مخصّص جميع العمومات حتّى بعد الانحلال ، فالدليل أخصّ من المدّعى (١).
وقد ردّه الميرزا النائيني قدسسره بأنّ عندنا في المقام علمين إجماليين : أحدهما العلم الإجمالي بتخصيص مائتي عامّ من عمومات الكتاب والسنّة ولا علم لنا بتخصيص أكثر من هذا المقدار وإن احتمل الأكثر.
وهناك علم إجمالي آخر بأنّ في الوسائل مثلا مقدار من المخصّصات لهذه العمومات فإنّ هذا العلم الإجمالي بعنوان كون المخصّص في الوسائل وليس دائرا بين الأقلّ والأكثر من حيث العدد فبالظفر بمائتي مخصّص ينحلّ العلم الإجمالي الأوّل دون الثاني ؛ لأنّه بعنوان كونه في الوسائل مثلا ، وحينئذ فالعلم الإجمالي لا ينحلّ وحينئذ فهو كاف في لزوم الفحص عن المخصّص للعامّ قبل العمل به ، ونظّر المقام بمن يعلم أنّه مديون وأنّ دينه في دفتر خاصّ ثمّ علم إجمالا بأنّ دينه خمسة دنانير ويحتمل كونها أكثر ثمّ نظر في مقدار من الدفتر حتّى انتهى إلى أن صار مقدار خمسة دنانير ، فلا يجوز له أن لا ينظر في بقيّة الدفتر ، بدعوى أنّ العلم الإجمالي قد انحلّ ؛ لأنّ العلم الإجمالي من حيث العدد والقلّة والكثرة قد انحلّ ، أمّا العلم الإجمالي الذي
__________________
(١) انظر كفاية الاصول : ٢٦٥.