عدم تساقط الاصول كما في المقام ؛ لأنّ هذا الإناء لا يجري فيه الأصل قطعا فلا يلزم من إجراء الأصل في الباقي طرح للمعلوم بالإجمال ولا ترجيح من غير مرجّح فتجري الاصول في بقيّة الأطراف) (*). ومقامنا من قبيل المثال الأوّل فإنّ العلم الإجمالي الثاني بوجود المخصص في كتاب الوسائل بهذا العنوان أيضا مردّد بين الأقلّ والأكثر ، وحينئذ فالعلم الإجمالي لا يوجب الفحص بعد الانحلال.
وأمّا ما ذكره : من مسألة الدين والدفتر وعدم الانحلال ، فهو من جهة أنّ عنده اطمئنانا بتحقّق الزيادة ، والاطمئنان كالعلم حجّة عقلائيّة ، مثلا إذا كان يعلم بأنّ ديونه في دفتره وهو يعلم أنّها خمسة دنانير قطعا ويشكّ في الزائد فإنّه إذا نظر إلى الدفتر بمقدار عشر أوراق فظفر بالخمسة إلى يوم نصف شهر رمضان إلّا أنّه يطمئنّ أنّه قد استقرض بعد هذا التاريخ قطعا مقدار دينارين ، وهذا الاطمئنان كالعلم حجّة فليس وجوب النظر في بقيّة الدفتر لعدم الانحلال للعلم الإجمالي ، بل لوجود حجّة اخرى تقتضي الفحص ؛ ولذا لو وجد بمقدار الدينارين الآخرين يجري الأصل في بقيّة أوراق الدفتر فيجري أصل البراءة في نفسه.
نعم لو قلنا بلزوم الفحص للمرء الذي يشكّ في تحقّق استطاعته أو بلوغ غلّته النصاب ؛ لأنّ إجراء أصالة العدم يقتضي فوات الواجب في أوّل سنته غالبا ولا يجوز إجراء الأصل في مثل ذلك ، لا يجري الأصل إلّا أنّه لهذا المانع لا للعلم الإجمالي. وممّا يؤيّد الانحلال أنّه لو ضاع ذلك الدفتر فإنّه لا ريب في جريان البراءة من الدين المشكوك ، ولو لا الانحلال المذكور للزم الاحتياط.
الثاني من أدلّة وجوب الفحص عن المخصّص قبل العمل بالعموم : ما ذكره الميرزا النائيني قدسسره (١) تبعا لصاحب الكفاية (٢) أنّ الألفاظ المفيدة للعموم إنّما تفيده ببركة
__________________
(*) ما بين القوسين من اضافات بعض الدورات اللاحقة.
(١) أجود التقريرات ٢ : ٣٦١.
(٢) انظر كفاية الأصول : ٢٥٥.