وبه يندفع تعجّب صاحب الحدائق رحمهالله من حكمهم بعدم النجاسة في ما نحن فيه وحكمهم بها في البلل ، مع كون كلّ منهما مشتبها حكم عليه ببعض أحكام النجاسة.
وأمّا الرواية فهي رواية عمر بن شمر ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، إنّه أتاه رجل
____________________________________
كذلك باطل لا يجوز الاستدلال به ، وبيان الفرق أنّ حكم الشارع بوجوب الطهارة المستلزم لنجاسة الملاقي مبني على تقديم الظاهر على الأصل بعد تعارضهما ، لأنّ مقتضى الأصل عدم كون البلل الخارج قبل الاستبراء بولا ، ومقتضى الظاهر كونه بولا ، فحكم الشارع بوجوب الطهارة المستلزم لنجاسة الملاقي ووجوب الاجتناب عنه ، ليس إلّا بانضمام أمارة خارجيّة ، وهي تقديم الظاهر على الأصل.
وهذا بخلاف ما نحن فيه ، حيث يقال بوجوب الاجتناب عن الملاقي بمجرّد وجوب الاجتناب عن المشتبه.
فيقال : إنّ مجرّد الأمر بالاجتناب عن المشتبه لا يدلّ على وجوب الاجتناب عن ملاقيه.
نعم ، لو كان وجوب الاجتناب عن ملاقي البلل مستفادا من مجرّد حكم الشارع بوجوب الوضوء ، لكان قياس المقام بتلك المسألة في محلّه إلّا أنّ الأمر ليس كذلك ، كما عرفت.
(وبه يندفع تعجّب صاحب الحدائق ... إلى آخره).
أي : بما ذكر من الفرق يندفع تعجّب صاحب الحدائق ، فلا بدّ أوّلا : من بيان التعجّب ، وثانيا : من بيان الاندفاع.
وملخّص بيان التعجّب من صاحب الحدائق ، هو أنّ وجوب الطهارة عقيب البلل المشتبه يكون من أحكام النجاسات ، ووجوب الاجتناب عن المشتبه ـ أيضا ـ يكون من أحكام النجاسات ، فكيف يقال بوجوب الاجتناب عن ملاقي المشتبه في الأوّل دون الثاني؟!.
وحاصل الاندفاع أنّ وجوب الاجتناب عن ملاقي البلل المشتبه في الأوّل ليس من مجرّد الحكم بوجوب الطهارة ، بل بانضمام الأمارة الخارجيّة ، كما عرفت ، وليس في الثاني هذا الانضمام ، وحينئذ لا يبقى مجال للتعجّب.