فإن قلت : وجوب الاجتناب عن ملاقي المشتبه وإن لم يكن من حيث ملاقاته له ، إلّا أنّه يصير كملاقيه في العلم الإجمالي بنجاسته أو نجاسة المشتبه الآخر ، فلا فرق بين الملاقيين في كون كلّ منها أحد طرفي الشبهة ، فهو نظير ما إذا قسّم أحد المشتبهين قسمين وجعل كلّ قسم في إناء.
قلت : ليس الأمر كذلك ، لأنّ أصالة الطهارة والحلّ في الملاقي ـ بالكسر ـ سليم عن معارضة أصالة الطهارة للمشتبه الآخر ، بخلاف أصالة الطهارة والحلّ في الملاقى ـ بالفتح ـ فإنّها معارضة بها في المشتبه الآخر.
____________________________________
ملاقيه ، لا الملازمة بين حرمة الشيء وحرمة ملاقيه ، ومحلّ النزاع هو الثاني دون الأوّل. انتهى كلامه دام ظلّه مع تصرّف منّا.
(فإن قلت : وجوب الاجتناب عن ملاقي المشتبه وإن لم يكن من حيث ملاقاته له ، إلّا أنّه يصير كملاقيه في العلم الإجمالي بنجاسته أو نجاسة المشتبه الآخر).
وهذا الإشكال يتصيّد من كلام المصنّف المتقدّم ، حيث قال : (فالملازمة بين نجاسة الشيء وتنجّس ملاقيه ... إلى آخره).
فيقال في تقريب الإشكال المذكور : إنّ لازم الملازمة المذكورة هو أنّ حال الملاقي يكون كحال ملاقيه في النجاسة والطهارة ، حيث يقع الملاقي كملاقاه طرفا للعلم الإجمالي بعد الملاقاة ، فهو ـ حينئذ ـ يكون (نظير ما إذا قسّم أحد المشتبهين قسمين وجعل كلّ قسم في إناء). فيصير بعد التقسيم والملاقاة أحد الطرفين اثنين ، فيقال : إمّا هذان القسمان ، أو الملاقي والملاقى نجس ، أو الطرف الآخر ، فيجب الاجتناب عن الجميع.
فهذا الإشكال يصلح أن يكون دليلا لمن يقول بوجوب الاجتناب عن ملاقي أحد المشتبهين بالنجس.
(قلت : ليس الأمر كذلك).
أي : ليس الأمر في الملاقي ـ بالكسر ـ كالأمر في القسمين إذا قسّم أحد الطرفين قسمين في وجوب الاجتناب ، بل يجب الاجتناب عن كلا القسمين في فرض التقسيم ، ولا يجب الاجتناب عن الملاقي في فرض الملاقاة.
وذلك لأنّ الأصل الجاري في كلّ واحد من القسمين في فرض التقسيم يكون في مرتبة