والخطاب الصادر لقضاء الفائتة عام في المعلومة تفصيلا والمجهولة ، ولا مخصّص له بالمعلومة لا من العقل ولا من النقل ، فيجب قضاؤها ، ويعاقب على تركها مع الجهل كما يعاقب مع العلم.
____________________________________
وحاصل ما أفاده قدسسره في هذا المقام ، هو أنّ المقام ليس من التكليف بالمجمل حتى يكون قبيحا ، كما ذهب إليه المحقّق القمّي قدسسره ، بل التكليف قد تعلّق بالمفهوم المعيّن ثمّ عرض الاشتباه فيه من جهة الامور الخارجيّة ، كما هو مبيّن في المتن ، وفي المقام كلام موضّح للمراد من العلّامة غلام رضا قدسسره.
حيث قال ما هذا لفظه : «أقول : شرح ما للمحقّق القمّي قدسسره من المراد بحيث يندفع به ما للمصنّف قدسسره من الإيراد مبنيّ على مقدّمة ، وهي :
إنّ الإجمال ؛ تارة : يكون في مفهوم متعلّق الخطاب بحيث يورث الجهل بالمراد ، كما في مثل جئني بعين ، واخرى : في مصداقه مع كون مفهومه مبيّنا ، كما إذا أمر المولى عبده بإتيان حمار أبيض ليركب وكان العبد له حالة لا يمتاز بسببها الأبيض عن الأسود ، وكما أن الأوّل يعدّ من الأمر قبيحا لا من جهة كون عقاب الجاهل قبيحا ؛ لأنّ عقاب الجاهل في المقام كما تقدّم ليس بقبيح ، ولا من جهة العسر في الاحتياط ؛ لأنّ فرض الكلام فيما كان الاحتياط في غاية السهولة ، بل من جهة أنّ صرف المخاطبة بالمجمل من القبائح العرفيّة ، فكذلك الثاني فإنّ فيه ـ أيضا ـ مخاطبة بالمجمل ، كيف وكان للمولى أن يعدل عن هذا الطريق من البيان إلى طريق آخر ليس فيه إجمال ، وعدم عدوله منشأ للقبح.
ولا يفرّق في هذا بين ما إذا اختصّ العبد بهذه الحالة ، أو كان له حالتان يمتاز في إحداهما الأبيض عن الأسود ، كما في النهار مثلا ، ولا يمتاز في الاخرى ، كما في الليل ، وكان مساق الخطاب على نحو العموم ، فكما أنّ الأوّل قبيح لكونه خطابا بالمجمل ، فكذلك الثاني ، وما نحن فيه ، أعني : عموم وجوب الصلاة إلى القبلة ، وكذا قضاء الفوائت ونحوهما بالنسبة إلى حالتي العلم والجهل من قبيل الثاني ، فإن التزم فيها بعموم الخطاب بالنسبة إلى حالتي العلم والجهل فهو خطاب بالمجمل ، وهو قبيح ، وإن التزم باختصاصه بالعالم فيكون المرجع في حقّ الجاهل أصالة البراءة.
فإن قلت : إنّ الداعي للمولى في الخطاب بالمجمل ثبوت ضرورة له ، كخوف ونحوه.