نقابة الطالبيين ، فامتنع من ذلك أيضا ، وطلب منه الكثير من أجلاّء عصره وعلمائهم وفضلائهم التصدّي للفتيا والقضاء الشرعي ، فرفض ذلك ولم يقبله.
بل إنّ ابن طاوس نفسه يحدّثنا أنّ المستنصر طلب منه أن يقبل الوزارة ، فرفض هذا العرض رفضا قاطعا ، قائلا للمستنصر :
إذا كان المراد بوزارتي على عادة الوزراء ؛ يمشّون أمورهم بكلّ مذهب وكلّ سبب ، سواء كان ذلك موافقا لرضى الله ورضى سيّد الأنبياء والمرسلين ، أو مخالفا لهما في الآراء ، فإنّك من أدخلته في الوزارة بهذه القاعدة قام بما جرت عليه العوائد الفاسدة.
وإن أردت العمل في ذلك بكتاب الله جلّ جلاله وسنّة رسوله صلىاللهعليهوآله ، فهذا أمر لا يحتمله من في دارك ولا مماليكك ولا خدمك ولا حشمك ولا ملوك الأطراف ، ويقال لك إذا سلكت سبيل العدل والانصاف والزهد : « أنّ هذا عليّ بن طاوس علويّ حسنيّ ، ما أراد بهذه الأمور إلاّ أن يعرّف أهل الدهور أنّ الخلافة لو كانت إليهم كانوا على هذه القاعدة من السّيرة ، وأنّ في ذلك ردّا على الخلفاء من سلفك وطعنا عليهم » ، فيكون مراد همّتك أنّ تقتلني في الحال ببعض أسباب الأعذار والأحوال ، فإذا كان الأمر يفضي إلى هلاكي بذنب في الظاهر ، فها أنا ذا بين يديك ، اصنع بي ما شئت قبل الذنب فأنت سلطان قادر (١).
عودته إلى الحلّة
ثمّ رجع مؤلّفنا رحمهالله إلى الحلّة حدود سنة ٦٤٠ ه ، في أواخر عهد المستنصر العبّاسيّ ، وبقي في الحلّة ، فرزقه الله ولده محمّدا سنة ٦٤٣ ه.
__________________
(١) كشف المحجّة (١٧٠)